للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّنَنِ وَفِيهِ الزَّكَاةُ وَالدِّيَاتُ وَغَيْرُهَا. (وَيَشْهَدُ بِالْكِتَابِ) أَيْ الْمَكْتُوبِ (شَاهِدَانِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ) بَعُدَ أَوْ قَرُبَ (يُخْبِرَانِ بِالْحَالِ) مِنْ التَّوْلِيَةِ وَغَيْرِهَا وَيَكْفِي إخْبَارُهُمَا بِهَا مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ (وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ، وَالثَّانِي قَالَ التَّوْلِيَةُ عَقْدٌ وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا فِي الْبَلَدِ الْقَرِيبِ، وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا. (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) بِهَا أَيْ لَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْمَحْكِيِّ فِي الْوَسِيطِ يَكْفِي لِبُعْدِ الْجَرَاءَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ. .

(وَيَبْحَثُ) بِالرَّفْعِ وَالْمُثَلَّثَةِ (الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ) قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَحِينَ يَدْخُلُ (وَيَدْخُلُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ فَإِنْ تَعَسَّرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَالْخَمِيسَ وَإِلَّا فَالسَّبْتَ. .

(وَيَنْزِلُ وَسَطَ الْبَلَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ. (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) لِأَنَّهُ عَذَابٌ (فَمَنْ قَالَ حُبِسْت بِحَقٍّ أَدَامَهُ) فِيهِ (أَوْ ظُلْمًا فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) وَيُصَدَّقُ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ (فَإِنْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) عَاجِلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَطْلَقَ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ فِي (الْأَوْصِيَاءِ) بِأَنْ يَطْلُبَهُمْ (فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا (سَأَلَ عَنْهَا) مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ. (وَعَنْ حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ وَجَدَهُ) مُسْتَقِيمَ الْحَالِ قَوِيًّا أَقَرَّهُ أَوْ (فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ ضَعِيفًا) لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ. (عَضَّدَهُ بِمُعَيَّنٍ وَيَتَّخِذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (مُزَكِّيًا) بِالزَّايِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي، شَرْطُهُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ (وَكَاتِبًا) لِمَا ذُكِرَ. .

(وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ) وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا غَالِبًا. .

(وَيُسْتَحَبُّ) فِيهِ (فِقْهٌ وَوُفُورُ عَقْلٍ وَجَوْدَةُ خَطٍّ) وَضَبْطٌ لِلْحُرُوفِ (وَمُتَرْجِمًا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ كَلَامِ مِنْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ مِنْ خَصْمٍ، أَوْ شَاهِدٍ (وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ) كَالشَّاهِدِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَفَى فِي تَرْجَمَتِهِ مِثْلُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ) وَكَذَا الْقَاضِي لِخُلَفَائِهِ وَنُوَّابِهِ وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَ الْكَاتِبُ عِنْدَهُ نُسْخَةً أُخْرَى، لِيَتَذَكَّرَ بِهَا مَا يَكْتُبُهُ وَمَنْ كَتَبَ لَهُ وَيُبَالِغُ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بِمَا يَكْتُبُهُ وَفِي مُرَاجَعَتِهِ الْعُلَمَاءَ فِيمَا يَقَعُ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِهِ إلَخْ) ضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَى الْقَضَاءِ وَضَمِيرُ إلَيْهِ عَائِدَانِ إلَى مَا. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي إخْبَارُهُمَا بِهَا) أَيْ بِالْحَالِ أَوْ التَّوْلِيَةِ وَالْأَوَّلُ الْأَقْرَبُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ أَثْبَتَ التَّوْلِيَةَ عِنْدَهُ بِشَرْطِهَا.

قَوْلُهُ: (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ بِهَا) وَلَا إخْبَارُهُ بِنَفْسِهِ نَعَمْ إنْ صَدَّقُوهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْإِمَامِ لَوْ نُصِبَ قَوْلُهُ: (عَنْ حَالٍ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ) أَيْ صَبِيحَتُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَيَقْصِدُ الْمَسْجِدَ وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَأْمُرُ بِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ الَّذِي مَعَهُ، وَيُنَادِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَحْضُرْ مَحَلُّ كَذَا وَعِنْدَ النَّظَرِ فِي أَهْلِ الْحَبْسِ، يُنَادِي مَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ يَوْمَ كَذَا وَهَكَذَا فِيمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَسَطَ الْبَلَدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ مَعْرُوفٌ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا) نَدْبًا فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَيُقَدِّمُ عَلَى هَذَا النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ وَأَحْوَالِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَدَامَهُ فِيهِ) إلَى وَفَائِهِ أَوْ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَمَنْ كَانَ لَهُ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَصْدُقُ إلَخْ) وَيُطْلَقُ بِلَا كَفِيلٍ فَإِنْ رَآهُ فَحَسَنٌ. قَوْلُهُ: (أَطْلَقَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ وَيَحْسُنُ أَخْذُ كَفِيلٍ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ خَصْمُ نَادَى عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ خَصْمٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَطْلَقَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْصِيَاءِ عَلَى أَيْتَامٍ) أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَهُمْ يَنْظُرُ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي عَلَى الْأَطْفَالِ، وَلَهُ عَزْلُهُمْ بِلَا سَبَبٍ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ فِي الْأَوْقَافِ وَلَوْ عَامَّةً وَمُتَوَلِّيَهَا وَأَهْلَهَا، وَبِمَا زَالَتْ إلَيْهِمْ وَهَلْ لِبَعْضِهِمْ وِلَايَةٌ عَلَى بَعْضٍ أَوْ لَا ثُمَّ يَنْظُرُ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ حِفْظُهَا أَوْ تَمَلُّكُهَا وَجَعْلُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ حَالِهِ) وَيَجِبُ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ إخْبَارُهُ وَلَوْ بِمَا فِيهِ قَذْفٌ وَكَذَا جَمِيعُ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ وَجَدَهُ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ) وُجُوبًا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَّلَهُ. قَوْلُهُ: (مُزَكِّيًا) الْمُرَادُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْجِنْسُ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَتَقْيِيدُ الْجَمِيعِ بِالْحَاجَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِمْ لَمْ يَتَّخِذْهُمْ، وَمَحَلُّ نَدْبِ اتِّخَاذِهِمْ إنْ رُزِقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا رِزْقَ مَنْ يُدَوِّنُ السِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرَ وَنَحْوَهَا مِنْهُ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يُجْبَرْ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي الشُّهُودِ.

قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) حُرًّا ذَكَرًا حَاسِبًا فَصِيحًا. قَوْلُهُ: (وَكَتَبَ حُكْمِيَّةً) هِيَ الْحِجَجُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْآخَرَانِ.

قَوْلُهُ: (كَالشَّاهِدِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِلْمُتَرْجِمِ عَنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ.

قَوْلُهُ: (كَفَى إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِي الزِّنَا رَجُلَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

ــ

[حاشية عميرة]

أَنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْفَتْوَى إذَا أَخْبَرَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُفْتِي، أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ هُنَا مِثْلُهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي الْحَبْسِ حُكْمٌ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحَبْسِهِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْخَصْمُ الْحُجَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَاتِبًا) كَانَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُتَّابٌ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسِجِلَّاتٍ) السِّجِلُّ الْكِتَابُ وَأَصْلُهُ الِاسْتِحْكَامُ وَالِاسْتِيثَاقُ. .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُتَرْجِمًا) أَيْ لِحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَتَعَلَّمَ الْعِبْرَانِيَّةَ مِنْ أَجْلِ مُكَاتَبَةِ الْيَهُودِ قَالَ فَتَعَلَّمْتهَا فِي نِصْفٍ قَوْلُهُ: (جَوَازُ أَعْمًى) أَيْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً بِلَفْظِهَا لِكَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>