ذَلِكَ، وَاشْتَرَطَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ رَجُلَيْنِ وَيَكْفِي فِي الزِّنَا رَجُلَانِ وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمًى) فِي التَّرْجَمَةِ وَالثَّانِي قَاسَهَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (اشْتِرَاطُ عَدَدٍ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ) كَالْمُتَرْجِمِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمُسْمِعَ لَوْ غَيَّرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ وَالْحَاضِرُونَ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ وَعَلَى الثَّانِي يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِي الْأَصَحِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، وَلْيَجْرِ الْخِلَافُ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالْحُرِّيَّةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْمُتَرْجِمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ كَمَا فِي الْمُتَرْجِمِ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِالْمَنْعِ أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمَّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ. .
(وَيَتَّخِذُ دِرَّةً) بِالْمُهْمَلَةِ (لِلتَّأْدِيبِ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِتَعْزِيرٍ) كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ مَجْلِسَهُ فَسِيحًا) أَيْ وَاسِعًا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ (بَارِزًا) أَيْ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ مَنْ يَرَاهُ (مَصُونًا مِنْ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ) وَرِيحٍ وَغُبَارٍ وَدُخَانٍ (لَائِقًا بِالْوَقْتِ) مِنْ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ. (وَالْقَضَاءُ) بِأَنْ يَكُونَ دَارًا (لَا مَسْجِدًا) فَيُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ فِي الْأَصَحِّ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً، وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا. (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي حَالِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَكُلُّ حَالٍ يَمُوءُ خَلْقُهُ) فِيهِ كَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ. .
(وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) وَمُشَاوِرَتُهُمْ عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ (وَ) يُنْدَبُ (أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ) لِئَلَّا يُحَابِيَ (فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ) غَيْرُهُ وَ (لَمْ يَهْدِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ حُرِمَ قَبُولُهَا)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمًى) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الشَّاهِدِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْحَاضِرِينَ بِالسُّكُوتِ خَوْفَ الِاشْتِبَاهِ. قَوْلُهُ: (بِهِ صَمَمٌ) أَيْ ثِقَلُ سَمْعٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُتَرْجِمِ) وَقَدْ يُغْنِي عَنْهُمْ. قَوْلُهُ: (لَفْظُ الشَّهَادَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكْتَفِيَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الِاكْتِفَاءُ بِرَجُلَيْنِ فِي الزِّنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْقَفَّالُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلَهُ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا اتَّخَذَهُمَا) أَيْ الدِّرَّةَ وَالسِّجْنَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَتْ دِرَّتُهُ مِنْ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَضْرِبْ بِهَا أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةِ وَعَادَ إلَيْهَا وَمَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الضَّرْبَ بِالدِّرَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهِ ذُرِّيَّةُ الْمَضْرُوبِ. وَكَانَ سِجْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ طَلَبُ الْمَسْجُونِ إذَا هَرَبَ وَإِذَا حَضَرَ سَأَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا عَذَرَهُ وَلَهُ نَقْلُهُ مِنْ سِجْنٍ إلَى آخَرَ حَيْثُ خِيفَ هَرَبُهُ، وَلَوْ طَلَب صَاحِبُ الْحَقِّ مُلَازَمَةَ غَرِيمِهِ بِغَيْرِ حَبْسٍ أُجِيبَ لَا عَكْسُهُ، وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: (كَوْنُ مَجْلِسِهِ فَسِيحًا) وَيُنْدَبُ تَعَدُّدُهُ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ مِنْ ذُكُورٍ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٍ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ إلَّا لِنَحْوِ زَحْمَةٍ وَكَوْنُهُ مَمْسُوحًا لِنَحْوِ نِسَاءٍ. قَوْلُهُ (مِنْ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ) وَمِنْ الصَّيْفِ الرَّبِيعُ وَمِنْ الشِّتَاءِ الْخَرِيفُ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ ذَا نُزْهَةٍ كَخُضْرَةٍ فِي الرَّبِيعِ، وَذَا مَاءٍ فِي الصَّيْفِ، وَذَا كَنٍّ فِي الشِّتَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ فِرَاشٌ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَوِسَادَةٍ يَتَّكِئُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَهَيْبُ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَاضِعًا وَيَرْكَبُ فِي مَسِيرِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ فِي طَرِيقِهِ وَدُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَمَطَرٍ قَوْلُهُ: (فَلَا بَأْسَ) لَكِنْ مَعَ مَنْعِ الْخُصُومِ مِنْ نَحْوِ مُشَاتَمَةٍ فِيهِ وَمِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ كَانَ الْغَضَبُ لِلَّهِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْقَضَاءِ.
قَوْلُهُ: (الْفُقَهَاءَ) أَيْ أَهْلَ الْإِفْتَاءِ الْعُدُولَ وَلَوْ عَبِيدًا وَنِسَاءً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ لَا يُعَامِلَ مُطْلَقًا إلَّا لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ عَامَلَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يُحَابِيَ) فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُحَابَاةُ حُرِّمَ الْعَقْدُ وَحُرِّمَ أَخْذُهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَهْدَى) أَوْ أَضَافَ أَوْ وَقَفَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ نَذَرَ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَدَقَةً وَاجِبَةً.
قَالَ شَيْخُنَا غَيْرُ الزَّكَاةِ فَرَاجِعْهُ. أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ وَفَّى عَنْهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا بِشَرْطِ رُجُوعٍ لَكِنْ يَصِحُّ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ حُرِّمَ.
ــ
[حاشية عميرة]
حَاضِرًا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا وَغَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِي الْمُتَرْجَمِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: أُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَعْيِينُ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ وَالْكَاتِبِ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ دُونَ الْقَاضِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَمَمٌ) أَيْ ثِقَلُ سَمْعٍ قَوْلُهُ: (مَعَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِيهِ جَزْمًا وَوَجْهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمُسْمِعِ يُعْلَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ.
قَوْلُهُ: (الْمَتْنُ وَسَجْنًا) لَوْ كَانَ مُسْتَأْجَرُ الْعَيْنِ عَلَى عَمَلٍ لَا يُمْكِنُ فِي الْحَبْسِ امْتَنَعَ حَبْسُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الشَّخْصُ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَهَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَبِيعَ أَمْ لَا وَجْهَانِ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُفْلِسِ عَنْ الْأَصْحَابِ التَّخْيِيرَ وَالْمَرِيضَ وَالْمُخَدَّرَةَ وَابْنَ السَّبِيلَ، نَقَلَ الرَّافِعِيُّ لَا يُحْبَسُونَ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِزَوْجَتِهِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِذَلِكَ فِي مُحَادِثَةِ الصَّدِيقِ أَيْضًا.
فَائِدَةٌ: أُجْرَةُ الْحَبْسِ عَلَى الْمَسْجُونِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَنْفَقْت إلَخْ) هُوَ يَفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِاتِّخَاذِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي حَالِ غَصْبٍ) أَيْ وَيَنْفُذُ لِقِصَّةِ الزُّبَيْرِ الْمَشْهُورَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْفُقَهَاءَ) أَيْ وَلَوْ أَدْوَنَ مِنْهُ بِدَلِيلٍ اسْتِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُشَاوَرَتُهُمْ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد