يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَطْعًا) وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (وَلَا مَعْرِفَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيُعْرَفَ حَالُهُ وَأَنَّهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ إلَيْهِ.
(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ) وَهُوَ الدَّيْنُ (كَوْنُهُ ثَابِتًا) فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَهُ فَلَا يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ وَهَذَا فِي الْجَدِيدِ، (وَصَحَّحَهُ فِي الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) كَأَنْ يَضْمَنَ الْمِائَةَ الَّتِي سَتَجِبُ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا) وَرُدَّ (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا وَرُدَّ، وَهِيَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَوَجْهُ صِحَّتِهِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلٍ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ كَمَا ذُكِرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ
ــ
[حاشية قليوبي]
شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَسَيَأْتِي اعْتِمَادُهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ الدَّيْنُ) لَوْ قَالَ هُوَ الْحَقُّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ رَاعَى الْوَصْفَ بِاللُّزُومِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ ظَاهِرًا إلَّا الدُّيُونُ، وَقَدْ يُؤَوَّلُ بِلُزُومِ الْإِعْطَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَيَعُمُّ، وَهُوَ هُنَا أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَشَمَلَ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا لِمُسْتَحِقٍّ انْحَصَرَ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لِأَجْلِ النِّيَّةِ وَكَالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ عَيْنِ الزَّكَاةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَرْضٍ) نَحْوُ أَقْرِضْ زَيْدًا أَلْفًا وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَشَمَلَ ثُبُوتَهُ مَا لَوْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلِلْمَضْمُونِ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ اثْنَانِ ضَمِنَا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ، كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَهُمَا عَلَى أَلْفٍ لِغَيْرِهِمَا، قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَصِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْغَرِيمِ فِيهِ، عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحَقِّ عَيْنَ مَالِهِ، وَيُقَالُ لَهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ وَالدَّرَكُ لُغَةً الْمُطَالَبَةُ وَالتَّبِعَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا ضَعُفَ وَلَمْ يُحْكَمْ وَعَلَى الرَّجْعَةِ وَالْعُهْدَةِ اسْمٌ لُغَةً لِلْوَثِيقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الشَّيْءُ، فَتَسْمِيَةُ الْمَكْتُوبِ فِيهَا بِذَلِكَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ بِاسْمِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ صَحَّ أَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك خَلَاصَ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَصِحَّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ) لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ، كَمَا يَأْتِي وَالْمَبِيعُ كَالثَّمَنِ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ لِشَمِلَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْأُجْرَةُ وَالْمُؤَجَّرُ كَالثَّمَنِ، وَالْمَبِيعُ بِخِلَافِ نَحْوِ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ (أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ) أَيْ جَمِيعَهُ إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا جَمِيعَهُ أَوْ مَعِيبًا وَرُدَّ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ إنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ رُدَّ بَعْضُهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَلَكِنْ نَقَصَ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ بِحَسَبِ صِيغَةِ ضَمَانِهِ، فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ أَوْ ضَمِنْت نَقْصَهُ لِصَنْجَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِعَيْبٍ، وَهَكَذَا فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ وَقْتَ ضَمَانِهِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ بَاقِيًا ضَمِنَ عَيْنَهُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى ضَمَانَ عَيْنٍ، فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ ضَمَانِهِ تَالِفًا لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَعْدَ الْعَقْدِ، عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ، وَيُسَمَّى فِي هَذَيْنِ ضَمَانُهُ ذِمَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ، بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (وَرُدَّ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْأَخْذِ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ضَمَانِ جَمِيعِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) بِاللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ فَيَشْمَلُ النَّوْعَ وَالصِّفَةَ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْخُرُوجِ
[حاشية عميرة]
الْمَضْمُونِ لَهُ. وَيُعْتَبَرُ وُقُوعُ الرِّضَا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ جَوَازُ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَهُوَ إجَازَةٌ إنْ جَوَّزْنَا وَقْفَ الْعُقُودِ عَلَى الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ (وَعَلَى اشْتِرَاطِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى الْقَبُولِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (لِيَعْرِفَ) أَيْ هَلْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ.
[وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ]
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الدَّيْنُ) خَالَفَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَادَّعَى أَنَّ الْعِبَارَةَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَوْلُهُ ثَابِتًا أَيْ حَقًّا ثَابِتًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي كُتُبِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَتَدْخُلُ الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، وَالدُّيُونُ مَالًا أَوْ عَمَلًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ. حَيْثُ قَالَ فِيهِ: دَيْنًا ثَابِتًا. نَعَمْ يَحْتَاجُ هُنَا إلَى قَيْدِ كَوْنِهِ قَابِلًا، لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ لِيَخْرُجَ الْقِصَاصُ، وَحَدُّ الْقَذْفِ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute