للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ) فِي الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ (رَهْنَ الثَّمَنِ) مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذَكَرَ وَفَسَادُ الشَّرْطِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ.

وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ، وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ فِي الْبَدَلِ، فَكَمَا انْتَقَلَ الرَّهْنُ إلَيْهِ فِي الْإِتْلَافِ شَرْعًا جَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ شَرْطًا وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا.

فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا تُزَالُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ كَمَا سَبَقَ) ثُمَّ يُرَدُّ إلَيْهِ لَيْلًا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَعْمَلُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ رُدَّ إلَيْهِ نَهَارًا، وَقَدْ لَا تَكُونُ الْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا فِي رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ كَافِرٍ وَالْجَارِيَةِ الْحَسْنَاءِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بِالصِّفَةِ الْآتِيَةِ، فَيَصِحُّ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيُجْعَلُ الْعَبْدُ فِي يَدِ عَدْلٍ، وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ الْإِلْمَامُ بِالْمَرْهُونَةِ.

(وَلَوْ شَرَطَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (وَضْعَهُ) أَيْ الْمَرْهُونِ (عِنْدَ عَدْلٍ جَازَ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِغَيْرِ عَدْلٍ وَسَيَأْتِي عَنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْوَضْعِ عِنْدَهُ (أَوْ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَنَصَّا عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى حِفْظِهِ أَوْ الِانْفِرَادِ بِهِ) أَيْ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِحِفْظِهِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتْبَعُ

ــ

[حاشية قليوبي]

يُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ) أَيْ بِمَا قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (لَوْ شَرَطَ رَهْنَ الثَّمَنِ مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ أَوْ لَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ لِتَبَرِّي الْمَنْهَجِ مِنْهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ عَرَضَ مُفْسِدٌ كَبَلِّ الْبُرِّ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا إنْ أُرِيدَ بِالشَّرْطِ إنْشَاءُ عَقْدِ رَهْنٍ فَإِنْ أُرِيدَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِيَّةِ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (فَكَمَا انْتَقَلَ إلَخْ) دَفَعَ بِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْإِتْلَافِ ضَرُورِيٌّ لَيْسَ إلَيْهِمَا.

قَوْلُهُ: (حَالًّا) خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِقَوْلِهِ: إنَّ شَرْطَ مَا ذُكِرَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ضَرْبِ الْمَرْهُونِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ أَوْ فِي تَأْدِيبِهِ فَمَاتَ ضَمِنَهُ لِأَنَّ التَّأْدِيبَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَقْبِضُ الْمَرْهُونَ وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ عَنْهُ

قَوْلُهُ: (إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ أَبَدًا. قَوْلُهُ: (الْحَسْنَاءِ) أَيْ الْمُشْتَهَاةِ. قَوْلُهُ: (بِالصِّفَةِ الْآتِيَةِ) وَهِيَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ الْعَبْدَ فِي يَدِ عَدْلٍ) وَيَتَوَلَّى الْعَدْلُ قَبْضَهُ أَيْضًا وُجُوبًا وَمِثْلُهُ الْمُصْحَفُ مِنْ كَافِرٍ وَالسِّلَاحُ مِنْ حَرْبِيٍّ وَالصَّيْدُ مِنْ مُحْرِمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهَا. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ) وَلَوْ فَاسِقَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نِسْوَةٌ) ثِقَاتٌ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ، وَكَذَا وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَمْسُوحُ

ــ

[حاشية عميرة]

شَرْطًا لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِيهَا إنْ نُوِيَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ ضُرٌّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ بَحْثًا. قَوْلُهُ: (بِفَسَادِ الشَّرْطِ) إيضَاحُ هَذَا أَنَّهُ جَعَلَ التَّعْجِيلَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِذْنِ، وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقٍ فَفَسَدَ الْإِذْنُ وَقَالَ الْمُزَنِيّ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَلَك عُشْرُ ثَمَنِهَا، وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ لَمْ يُجْعَلُ الْعِوَضُ فِيهَا مُقَابِلًا لِلْإِذْنِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْبَيْعِ وَهُوَ جُعْلٌ مَجْهُولٌ فَيَفْسُدُ وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ إلَخْ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ بَعْدَ عُرُوضِ مُوجِبِ الْبَيْعَ كَابْتِلَالِ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ.

[فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ]

فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الثِّقَةَ بِالتَّوَثُّقِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَصًّا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>