للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَوْتٍ، أَوْ فَسْخٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ (أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ لَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ) الزَّوْجُ عَقِبَهُ (فَلَا عَوْدَ) لِتَعَذُّرِ الْفِرَاقِ فِي الْأَخِيرِ وَفَوَاتِ الْإِمْسَاكِ فِي الْأَوَّلِ وَانْتِفَائِهِ فِي غَيْرِهِمَا (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) بِأَنْ كَانَتْ رَقِيقَةً (أَوْ لَاعَنَهَا) عَقِبَ الظِّهَارِ فَلَا عَوْدَ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْمِلْكِ وَاللِّعَانِ وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ حِلٍّ إلَى حِلٍّ وَذَلِكَ إمْسَاكٌ لَهَا وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الثَّانِيَةِ لِتَطْوِيلِهِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ مَعَ إمْكَانِ الْفُرْقَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ: (بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا سَبْقُ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ لِمَا فِي تَأْخِيرِهِ ذَلِكَ عَنْ الظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْوِيلِ، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مَا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ مَعَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ بِالظِّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ.

(وَلَوْ رَاجَعَ) مَنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ (أَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ بَعْدَ الدُّخُولِ (ثُمَّ أَسْلَمَ) فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ (فَالْمَذْهَبُ) بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَوْدِ الظِّهَارِ، وَأَحْكَامُهُ (أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ لَا بِالْإِسْلَامِ بَلْ بَعْدَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ، وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ بِهِمَا، وَقِيلَ لَيْسَ بِعَائِدٍ بِهِمَا بَلْ بَعْدَهُمَا، وَأَصْلُ الْخِلَافِ قَوْلَانِ فِي الرَّجْعَةِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا عَوْدٌ وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الرِّدَّةِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْدٍ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ، ثُمَّ رَاجَعَهَا فَهُوَ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ أَيْضًا فِي الْأَظْهَرِ.

(وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ) سَوَاءٌ فُرْقَةُ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ وَالْفَسْخِ (وَيُحَرَّمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْوَطْءِ حَيْثُ قَالَ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] ، وَقَالَ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] ، وَيُقَدَّرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ (وَكَذَا الْمَسُّ وَنَحْوُهُ) كَالْقُبْلَةِ (بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ وَيُفْضِي إلَيْهِ وَالتَّمَاسُّ فِي الْآيَةِ يَشْمَلُهُ.

(قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَنَقَلَ فِي الشَّرْحَيْنِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَالتَّمَاسُّ فِي الْآيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَطْءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] وَفِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ خِلَافُ الْحَائِضِ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) أَوْ مَلَكَتْهُ بِإِرْثٍ، أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ أَوْ بِبَيْعٍ وَلَا يَضُرُّ الِاشْتِغَالُ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْمُسَاوَمَةُ، وَلَا يَكْفِي الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِشَرْطِ سَبْقِ) الْمُرَافَعَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَاجَعَ مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ) وَهُوَ قَيْدٌ لِنَوْعِ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاتِّفَاقِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَسَيَذْكُرُ أَصْلَهُ قَوْلُهُ: (تَبْدِيلُ إلَخْ) وَالْحِلُّ تَابِعٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا) فَعَلَى مُقَابِلِهِ يُقْطَعُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الْقَاطِعُ بِالْعَوْدِ فِي الرَّجْعَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ الْفَارِقِ، فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَوْدِ) وَلَوْ فِي الظِّهَارِ الْمُوَقَّتِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) أَيْ مُطْلَقًا فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ وَفِي الْمُدَّةِ فِي الظِّهَارِ الْمُوَقَّتِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْوَطْءِ) وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (حَمْلًا إلَخْ) وَصَرَّحَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ بِالْقِيَاسِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْأُصُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُحْتَاجُ لِجَامِعٍ، أَوْ لَا؟ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّارِحِ مِنْ الْقِيَاسِ، فَانْظُرْهُ مَعَ هَذَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (وَفِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي هَذَا أَوْجُهًا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي خُرُوجِهِ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُعَبَّرِ بِالْأَقْوَالِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا إلَى تَأْوِيلِهِ أَوْ حَمْلِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَطَالُوا بِهِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا

ــ

[حاشية عميرة]

عِوَضٍ فَلَمْ تَقْبَلْ ثَبَتَ طَلَاقُهَا مَجَّانًا

[اتَّصَلَتْ بِالظِّهَارِ فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ]

قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ وَرِثَهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَوْدًا.

فَرْعٌ: وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْمُسَاوَمَةِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ فَهُوَ عَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَاجَعَ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَلَمْ يُرَاجِعْ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ. وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ، ثُمَّ رَاجَعَ وَسَيَذْكُرُهَا الشَّارِحُ بَعْدُ، وَيَحْكِي فِيهَا قَوْلَيْنِ كَمَا هُنَا وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ لَا طَرَفَ فِيهَا بَلْ فِيهَا قَوْلَانِ فَقَطْ، كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا فِي الْأَظْهَرِ دُونَ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ. لِأَجْلِ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: (إمْسَاكٌ) زَادَ الرَّافِعِيُّ وَلِأَنَّهَا اسْتِحْدَاثُ حِلٍّ وَذَلِكَ أَبْلَغُ فِي مُخَالَفَةِ الْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الْإِمْسَاكِ عَلَى حُكْمِ الْحِلِّ الثَّابِتِ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِعَائِدٍ بِهِمَا) وَجْهُهُ فِي الرَّجْعَةِ أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَلَى النِّكَاحِ فَيَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ ثُبُوتِ نِكَاحٍ قَوْلُهُ: (وَوَجْهَانِ إلَخْ) مُحَصَّلُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ وَقَطَعَ بَعْضٌ بِالْأَوَّلِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلٍّ طَرِيقَيْنِ وَأَنَّ الْأَصَحَّ طَرِيقُ الْخِلَافِ، وَأَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ، أَوْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ بِاخْتِصَارٍ، وَإِعْلَامٍ بِأَنَّ الطُّرُقَ تَرْجِعُ إلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ

قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ) وَلِأَنَّهُ أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>