يَعْنِي الْجَدَّتَيْنِ فَصَاعِدًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَهُنَّ السُّدُسُ رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عِبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى لِلْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا» ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (وَتَرِثُ مِنْهُنَّ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ، وَلَا يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَّا وَاحِدَةٌ. (وَأَمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ) أَيْ الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ. (وَكَذَا أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَأُمُّ الْأَجْدَادِ فَوْقَهُ وَأُمَّهَاتُهُنَّ) يَرِثْنَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِإِدْلَائِهِنَّ بِوَارِثٍ، وَالثَّانِي لَا يَرِثْنَ بِجَدٍّ كَالْإِدْلَاءِ بِأَبِي الْأُمِّ. (وَضَابِطُهُ) أَيْ إرْثُ الْجَدَّاتِ أَنْ يُقَالَ (كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ إنَاثٍ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ (أَوْ) بِمَحْضِ (ذُكُورٍ) كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ (أَوْ) بِمَحْضِ (إنَاثٍ إلَى ذُكُورٍ) كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ. (تَرِثُ وَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ) كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ (فَلَا) تَرِثُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا مَعَ الذَّكَرِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ فِي أَصْلِ الْمَذْهَبِ.
فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا أَيْ عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ (وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) لِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ جَمِيعُ الْمَالِ وَلِلْأُنْثَى النِّصْفُ وَلِلْأُنْثَيَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فِي اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (وَكَذَا إنْ كَانُوا الْأَبَ) أَيْ وَرِثُوا، كَمَا ذُكِرَ وَيَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادَ الْأَبِ قَوْله تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] . (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ فَيُشَارِكُ الْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ (وَلَدَ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ) فَرْضِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِ مَعَهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ لَهُمْ. (وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخِ) لِأَبَوَيْنِ (أَخٌ لِأَبٍ سَقَطَ) فَلَيْسَ كَالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُشَرَّكِ فِيهَا بَيْنَ وَلَدِ الْأُمِّ وَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ أَبٍ (فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ حَجَبَ أَوْلَادَ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْأَبِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ إلَّا أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ اثْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ فَلَهُمَا أَوْ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَا
ــ
[حاشية قليوبي]
أَرْبَعَةٍ) فِيهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَبُ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ) وَكَذَا الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا فَلَا مُخَالَفَةَ فِي هَذِهِ.
فَصْلٌ قَوْلُهُ: (لِلْجَدَّتَيْنِ) وَيُقَاسُ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا بِهِمَا فَلَا يُزَادُ لَهُنَّ عَلَى السُّدُسِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (وَأَمُّ الْأَجْدَادِ) هِيَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ بِدَلِيلِ الْإِضَافَةِ وَضَمِيرُ الْجَمْعِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (بِوَارِثٍ) هُوَ مَحِلُّ الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ.
فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْحَوَاشِي قَوْلُهُ: (أَيْ عَنْ أَوْلَادٍ لِأَبٍ) وَكَذَا عَنْ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ كَمَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمْ بِقَوْلِهِ وَرِثُوا وَخَرَجَ بِهِ حَجْبُهُمْ، فَلَيْسُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ فِيهِ لِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا) فَصَلَ بِهِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ عُمُومِ التَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَصْلُ الْمُشَرَّكِ فِيهَا، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى النِّسْبَةِ الْمَجَازِيَّةِ، وَتُسَمَّى الْحِمَارِيَّةَ وَالْحَجَرِيَّةَ وَالْيَمِّيَّةَ وَالْمِنْبَرِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَأُمٌّ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ أُمٍّ) أَيْ فَأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) الْمُرَادُ عَصَبَةٌ شَقِيقَةٌ، وَلَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، فَلَوْ قَالَ شَقِيقٌ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ وَلَعَلَّهُ رَاعَى الْقِسْمَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُهَا، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ أَوْلَادِ الْأُمِّ وَالْأَشِقَّاءِ. قَوْلُهُ: (فَرْضُهُمَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْأَخُ الشَّقِيقُ بِالْفَرْضِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى فَلَهَا مِثْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ.
تَنْبِيهٌ إرْثُ الْأَخِ بِالْفَرْضِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ اعْتِبَارِ بَقَاءِ الْعُصُوبَةِ فِيهِ فَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ، لَوْ كَانُوا مَعَهُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ. قَوْلُهُ: (أَخٌ لِأَبٍ سَقَطَ) وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ سَقَطَتْ تَبَعًا لَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ الْأَخُ الْمَشْئُومُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهَا لَوْ انْفَرَدَتْ عَنْهُ لَمْ تَسْقُطْ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فُرِضَ لَهَا النِّصْفُ، أَوْ أَكْثَرُ فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَتُعَالُ الْمَسْأَلَةُ أَوْ خُنْثَى عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمَتْنِ: (وَأَمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ جَاءَتَا إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَعْطَى أُمَّ الْأُمِّ فَقَطْ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ أَعْطَيْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، وَحَرَمْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَوَرِثَهَا فَشَرَّكَ بَيْنَهُمَا فِيهِ.
[فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ]
فَصْلُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُشَارِكُهُ الْأَخُ) لَوْ كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ الْمَذْكُورُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا بُدَّ مِنْ تُسَاوِيهِمْ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ حَكَاهُ عَنْ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا تَقَاسَمُوا الثُّلُثَ بِالسَّوِيَّةِ يُؤْخَذُ مَا يَخُصُّ الْأَشِقَّاءَ، وَيُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. فَرْعٌ لَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّقِيقِ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ، وَتُعَالُ فَلَوْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ أَخٌ لِأَبٍ أَسْقَطَهَا وَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِاشْتِرَاكِهِ إلَخْ) وَفِي قَوْلٍ غَرِيبٍ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَسْقُطُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَأَبُو خَلْفٍ الطَّبَرِيُّ