للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا يُخَافُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأَخُّرِهَا، وَإِنْ اجْتَمَعَ جُمُعَةٌ وَجِنَازَةٌ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ، وَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ خُسُوفٌ وَوِتْرٌ قُدِّمَ الْخُسُوفُ وَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ الْوِتْرِ لِأَنَّهَا آكَدُ.

بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَيْ طَلَبُ السُّقْيَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ. (هِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ) لِانْقِطَاعِ مَاءِ الزَّرْعِ أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي بِخِلَافِ انْقِطَاعِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَوْ انْقَطَعَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَاجَتْ سُنَّ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَنْ يُصَلُّوا وَيَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَوَاءٌ فِي سَنِّهَا أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرُونَ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي الْحَاجَةِ وَقَدْ فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

(وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا إنْ لَمْ يُسْقَوْا) حَتَّى يَسْقِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ فَسُقُوا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَيُصَلُّونَ عَلَى الصَّحِيحِ) شُكْرًا. وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَّا عِنْدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يُقَدِّمُ عَرَفَةَ إذَا خِيفَ فَوْتُهَا عَلَى انْفِجَارِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَشُقُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي وُقُوعُهَا نَادِرٌ عَنْ الْكُسُوفِ، يُقَالُ: سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: سَقَاهُ لِلْخَيْرِ {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] . وَأَسْقَاهُ لِغَيْرِهِ {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦] وَشُرِعَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ.

وَيَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (طَلَبُ السُّقْيَا) أَيْ لُغَةً مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَسِينُهَا لِلطَّلَبِ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ، وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حَاجَتِهِمْ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَدْنَاهَا مُطْلَقُ الدُّعَاءِ، وَيَلِيهِ الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَفْلًا، وَأَعْلَاهَا الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِقَوْلِهِ هِيَ سُنَّةٌ أَيْ مُؤَكَّدَةٌ. قَوْلُهُ: (لِانْقِطَاعِ مَاءٍ) وَكَذَا لِمُلُوحَتِهِ، وَنَحْوِهَا وَالزَّرْعُ لَيْسَ قَيْدًا فَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْقَطَعَ إلَخْ) هُوَ مِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَتَوَهَّمَ فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الشَّارِحَ أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَجَعَلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ فِيهَا نَفْعٌ لَهُمْ فَلَا تَخْلُو عَنْ حَاجَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَنْ طَائِفَةٍ) أَيْ غَيْرِ أَهْلِ بِدْعَةٍ أَوْ بَغْيٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَافِرُونَ) وَكَذَا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ، وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِمْ هُنَا لِطَلَبِ خُرُوجِهِمْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ لِأَنَّ الْكَامِلِينَ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْأَصَالَةِ، وَفِي صَلَاتِهِمْ وَالْخُطْبَةِ لَهُمْ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ.

قَوْلُهُ: (وَتُعَادُ) وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ فَلَا تَتَقَيَّدُ إعَادَتُهَا بِجَمَاعَةٍ، وَلَا بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ بَلْ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَقْصُودُ ثُمَّ إنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لَمْ تَتَوَقَّفْ إعَادَتُهَا عَلَى صَوْمٍ وَإِلَّا فَمَعَهُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (لِلصَّلَاةِ) بِلَا صَوْمٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُصَلُّونَ) أَيْ بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ مَعَ الْخُطْبَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَمْتَنِعْ بِفَوَاتِ سَبَبِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْكُسُوفِ لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلنَّاسِ عَنْ وُجُودِ الْغَيْثِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، إذْ لَا يَخْلُو عَمَّنْ

ــ

[حاشية عميرة]

وَقَالَ السُّبْكِيُّ: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ تَخَوُّفَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، أَنَّ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْفَرْضِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَاجِبٌ اهـ. وَإِذَا ذَهَبَ مَعَهَا الْوَلِيُّ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْحَمَّالُونَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّدِيقَ وَالصِّهْرَ وَالزَّوْجَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا بَاقِي أَهْلِ الْبَلَدِ لَوْ أَرَادُوا التَّوَجُّهَ، وَتَرْكَ الْجُمُعَةِ فَالْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ. قَوْلُهُ: (لِمَا يَخَافُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ) أَقُولُ وَلِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُعَادُ إلَخْ) رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ طَاهِرٍ. نَعَمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ دَعَوْت فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي فَإِنْ قِيلَ لِمَ شُرِعَتْ الْإِعَادَةُ، هُنَا دُونَ الْكُسُوفِ كَمَا سَلَفَ، قُلْت: أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثَالِثًا) أَيْ وَأَكْثَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالدُّعَاءِ) أَيْ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ: (شُكْرًا) قَالَ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ، وَيَنْوُونَ بِصَلَاتِهِمْ الشُّكْرَ، وَيُبَدِّلُونَ الشِّكَايَةَ بِالشُّكْرِ اهـ.

وَقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>