للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ: تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (بِحَرْفَيْنِ) أَفُهِمَا أَوْ لَا نَحْوِ قُمْ وَعَنْ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) نَحْوِ قِ مِنْ الْوِقَايَةِ. (وَكَذَا مُدَّةٍ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تَعُدُّ حَرْفًا، وَهَذَا كُلُّهُ يَسِيرٌ فَبِالْكَثِيرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ وَالْأَنِينَ وَالنَّفْخَ إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ.

(وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) أَيْ نَسِيَ أَنَّهُ فِيهَا. (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) بِخِلَافِ بَعِيدِ الْعَهْدِ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، (لَا كَثِيرِهِ) فَإِنَّهُ لَا

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) الَّتِي هِيَ الْمَوَانِعُ، وَتُسَمَّى شُرُوطًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِهَا، كَمَا فِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَبْطُلُ) وَيُرَادِفُهُ تَفْسُدُ، لِأَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ النُّسُكِ، وَالْعَارِيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مِثْلُهَا، كَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ إذْ الْبَاطِلُ مَا كَانَ لِفَقْدِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى قَضَاءً، وَالْفَاسِدُ مَا كَانَ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَحُكْمُهُ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، يُسَمَّى قَضَاءً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالنُّطْقِ) أَيْ التَّلَفُّظِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْأَنْفِ، إنْ سَمِعَ نَفْسَهُ، وَلَوْ كَانَ حَدِيدَ السَّمْعِ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْغَيْرِ مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالْأَحَادِيثُ، وَلَوْ قُدْسِيَّةً، وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ النَّبِيُّ، أَوْ قَافٌ أَوْ صَادٌ، بَطَلَتْ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ الْإِشَارَةُ وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ بِاللِّسَانِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْإِفْهَامَ كَمَا يَأْتِي، وَيُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي رَدُّ السَّلَامِ بِهَا، كَمَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَالتَّشْمِيتُ بِغَيْرِ الْخِطَابِ نَحْوُ عَلَيْهِ السَّلَامِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِحَرْفَيْنِ) أَيْ بِمُسَمَّاهُمَا وَكَذَا الْحَرْفُ. قَوْلُهُ: (أَفُهِمَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تُوَالِيهِمَا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الصَّادُ، وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْمُوَالَاةِ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُفْهِمٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ عَدَمَ الْإِفْهَامِ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ قِ) مِنْ الْوِقَايَةِ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ وَفِ مِنْ الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ، وَحَذْفُ هَاءِ السَّكْتِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ صِنَاعَةً، لِوُجُوبِهِ فِيهَا جَبْرًا لِلْكَلِمَةِ بِمَا دَخَلَهَا مِنْ الْوَهَنِ، بِالْحَذْفِ حَتَّى بَقِيَتْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَرَكَّبُ الْكَلَامُ مِنْ أَقَلِّ مِنْ حَرْفَيْنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِصَرْفِ الْحَدِيثِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إنْ ظَهَرَ) أَيْ وُجِدَ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ لِمَرَضٍ، أَوْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ لِمُصْلِحَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (حَرْفَانِ) أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مُدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) خَرَجَ مَنْ نَسِيَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِيهَا فَتَبْطُلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ فَلَا تَبْطُلُ، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا، لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، وَمِنْهُ تَكْبِيرُ مُبَلِّغٍ أَوْ إمَامٌ جَهَرَ أَوْ تَسْبِيحٌ مِنْ مُنَبِّهٍ عَلَى خَطَأٍ، وَفَاتِحٍ عَلَى إمَامٍ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي ذَلِكَ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ، وَمِنْهُ مَنْ أَتَى بِشَيْءٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ، وَظَنَّهُ مُبْطِلًا، فَتَكَلَّمَ بِقَلِيلٍ عَامِدًا فَلَا تَبْطُلُ، وَفَارَقَ مَنْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا، فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَامِدًا، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ اُغْتُفِرَ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ، وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا أَوْ نَسِيَ حُرْمَةَ الْكَلَامِ، وَفِي الصَّلَاةِ، كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. قَوْلُهُ: (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ أَسْلَمَ قَرِيبًا وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ]

فَصْلٌ: (تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ) .

(قَوْلُهُ وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تُعَدُّ حَرْفًا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ الْمُدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْبُكَاءُ) أَيْ وَلَوْ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْهُ حَرْفٌ فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الْغُفْلَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ النِّسْيَانِ، وَدَلِيلُ النَّاسِي حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَدَلِيلُ الْجَاهِلِ حَدِيثُ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>