للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُتَنَفِّطُ الَّذِي لَهُ رِيحٌ) كَالدَّمِ فِي نَجَاسَتِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ. (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَحَلُّلِهِ بَعْلَةٍ، وَالثَّانِي هُوَ طَاهِرٌ كَالْعَرَقِ. (قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ أَنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ. (وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (لَمْ يَعْلَمْهُ) ثُمَّ عَلِمَهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ. (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ. (وَإِنْ عَلِمَ) بِالنَّجَسِ (ثُمَّ نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ (وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَجَبَ قَطْعًا الْإِعَادَةُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي وُجُوبُهُ الْقَوْلَانِ لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ مُصَاحَبَةَ النَّجَسِ لَهَا بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَهَا فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَدْ مَرَّ فِي النَّجَاسَةِ عَنْ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ، لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْوَسَخِ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ لَوْنِ الدَّمِ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهُ بِمَاءِ الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ قَطْعًا) حَمَلَ الْمَذْهَبَ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ لِقَرِينَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْأَظْهَرِ إلَيْهِ، وَلِيُوَافِقَ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ تَصْحِيحِهَا وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا أَصْلِهَا تَرْجِيحٌ لِوَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقِينَ. قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ الشَّرْطِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالتَّفْرِيطِ، إذْ لَا تَفْرِيطَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَصَالَةً، وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا بَعْدَ الْوَقْتِ، مَعَ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَكَرَ الشَّارِحُ التَّفْرِيطَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَجْلِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِيهَا وَعَلَيْهِ، فَالْقَضَاءُ فِيهَا عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ، أَوْ اسْتِوَاءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ، عَلَى وِزَانِ مَنْ شَكَّ بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ.

نَعَمْ قَدْ مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ أَنَّهُ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِعْلُهُ مِنْهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا قَدْ وُجِدَ الْفِعْلُ يَقِينًا، فَلَمْ يُوجِبُوا الْقَضَاءَ مَعَ الشَّكِّ فِي الصِّحَّةِ، قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّكَّ لَيْسَ فِي الْفِعْلِ، وَعَدَمِهِ إذْ لَا جَامِعَ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي أَنَّهُ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ قَضَاءٌ، وَمَا هُنَا مِنْ هَذِهِ فَتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْأَوَّلِ بُعْدٌ وَلَعَلَّهُ مَحْمَلُ قَوْلِ الْقَاضِي، بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ اهـ.

(فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ، فَفِي وُسْعِ اللَّهِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ لِعُذْرِهِ حَالَةَ الْفِعْلِ، وَلَا يُنَافِيه الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالتَّفْرِيطِ عَلَى مَا مَرَّ، لِأَنَّهُ لِتَرَتُّبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَجِبُ إعْلَامُ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا وَيَجِبُ قَبُولُ خَبَرِ الْعَدْلِ فِيهَا، وَفِي نَحْوِ كَشْفِ عَوْرَةٍ، وَكُلِّ مُبْطِلٍ فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ مُبْطِلٍ، وَيَجِبُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِعِبَادَةٍ فِي رَأْي مُقَلِّدِهِ، عَيْنًا إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ قُوبِلَ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ عَدَمِ بَذْلِهَا وَيَلْزَمُ الْقَادِرُ عَلَيْهَا بَذْلُهَا، وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْبَيَانِ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِمُخَالَفَتِهِ وَلَا مُوَافَقَتِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَدْ وَافَقَهُ الشَّيْخُ نَصْرُ فِي فَتَاوِيهِ الْمَقْصُودُ، قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيُّ: وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ الْبَلْغَمُ إذَا كَثُرَ كَمَا سَبَقَ فِي النَّجَاسَاتِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ فِي نَجَاسَتِهِ) قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ) .

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَحَيْثُ نَجَّسْنَاهُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ دَمِ الْبَثَرَاتِ لَا دَمَ الْقُرُوحِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا) يُرِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَبَّرَ بِهِ عَنْ طَرِيقَةِ الْقَطْعِ، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ) وَلِحَدِيثِ النَّعْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ) .

(فَرْعٌ) لَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ شَخْصٍ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ، بَلْ هُوَ كَزَوَالِ الْمُفْسِدِ، قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يَشُكُّ فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>