للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمُشْتَرَكَةِ.

(وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) ، حِينَ الْمِلْكِ إنْ أَيْسَرَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِيَسْرَةِ وَلَدِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَيْسَ مِلْكُ الْوَلَدِ مِلْكَ الْوَالِدِ فِي رَفْعِهِ النِّكَاحَ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا الْأَبُ لِمَالِهِ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنَّهُ إذَا حَلَّتْ لَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَإِنَّمَا فَرَضَ عَدَمَ الْحِلِّ صَاحِبُ الْوَجْهِ الثَّانِي لِيُقَرِّبَهُ مِنْ الصِّحَّةِ

(وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ) لِمَا لَهُ فِي مَالِهِ وَرَقَبَتِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ.

(فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ مَلَكَهَا السَّيِّدُ لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يُلْحِقُهُ بِمِلْكِ الْوَلَدِ زَوْجَةَ أَبِيهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمَالِ الِابْنِ.

فَصْلٌ. السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ يَضْمَنُهُمَا (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ الْمُعْتَادِ) ، كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَمَا يَحْصُلُ بِالْحِرْفَةِ وَالصَّنْعَةِ (وَالنَّادِرُ) كَالْحَاصِلِ بِالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ أَمَّا بِالْكَسْبِ قَبْلَ النِّكَاحِ فَيَخْتَصُّ بِهِ السَّيِّدُ (فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تِجَارَةٍ فَفِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ) لِأَنَّهُ كَسْبُهُ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الرَّضَاعِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ مَا ذُكِرَ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَلَكَ) الْوَلَدُ زَوْجَةَ وَالِدِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (حِينَ الْمِلْكِ) كَأَنْ طَرَأَ يَسَارُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَخُوهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَابِ أَوْلَى) فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (لِيُقِرَّ بِهِ مِنْ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ،.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ) وَلَوْ كِتَابَةً صَحِيحَةً،.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ) كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. قَوْلُهُ: (زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَخَرَجَ بِزَوْجَةِ سَيِّدِهِ مِلْكُهُ لِأَصْلِ سَيِّدِهِ وَفَرْعِ سَيِّدِهِ، فَلَا يَعْتِقَانِ عَلَى سَيِّدِهِ وَخَرَجَ أَيْضًا جُزْءُ سَيِّدِهِ، كَأَنْ كَاتَبَ مُبَعَّضٌ رَقِيقًا فَاشْتُرِيَ بَعْضُ سَيِّدِهِ الرَّقِيقِ، فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ جُزْءُ نَفْسِهِ كَأَنْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ جُزْءَ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ، وَيُقَالُ فِي هَذِهِ اجْتَمَعَتْ الْمِلْكِيَّةُ وَالْبَعْضِيَّةُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً]

فَصْلٌ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ. قَوْلُهُ: (السَّيِّدُ) أَيْ الْمَالِكُ لِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَمَنْفَعَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ مَالِكِ الرَّقَبَةِ فِي الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ وَإِذْنُ الْمُوصَى لَهُ فِي الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَا يَدْخُلُ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا مَا لِلْآخَرِ، وَظَاهِرُ هَذَا صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَضْمَنُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْإِذْنُ سَبَبًا لِنَفْيِ الضَّمَانِ، كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ إنْ أَنْكَرَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَضْمَنُ) وَإِنْ شَرَطَهُمَا فِي الْعَقْدِ أَوْ ضَمِنَهُمَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ جَمِيعُ الْمُؤَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ وَلِزَوْجَتِهِ الدَّعْوَى عَلَى السَّيِّدِ بِتَخْلِيَتِهِ لِكَسْبِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ النِّكَاحِ) الْأَوْلَى بَعْدَ وُجُوبِهِمَا وَهُوَ فِي الْمَهْرِ الْحَالِّ بِالْعَقْدِ وَفِي الْمُؤَجَّلِ بِحُلُولِهِ وَفِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، بِالتَّمْكِينِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَهْرِ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَا يَدْخُلُ لِلْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ. نَعَمْ يُقَدَّمُ مَهْرٌ حَالَ تَوَقُّفِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ النِّكَاحِ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَفَارَقَ صَرْفَ الْكَسْبِ فِي الضَّمَانِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِثُبُوتِ الْمَضْمُونِ قَبْلَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَنْهَجِ هَذَا الْفَرْقُ هُنَا وَفِي بَابِ الضَّمَانِ. نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَجَبَتْ مُؤْنَتُهُمَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِيَّةُ.

ــ

[حاشية عميرة]

أَيْ إذَا كَانَ حُرًّا، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا

قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، يَنْعَقِدُ رَقِيقًا لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا بِجِهَةِ النِّكَاحِ، وَلَا نَظَرَ لِلشُّبْهَةِ قَوْلُهُ: (لَا مَفْهُومَ لَهُ إلَخْ) كَلَامُهُ كَمَا تَرَى يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْوَجْهِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَبِ الْحُرِّ، بِخِلَافِ الْأَبِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِ أَمَةِ وَلَدِهِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِعَدَمِ تَأْثِيرِ طَوَيَانِ مِلْكِ وَلَدِهِ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَفَاهُ وَادَّعَى أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْمَتْنِ لِإِفَادَةِ الْقَطْعِ فِي هَذِهِ.

فَصْلٌ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ إلَخْ يُوهَمُ أَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ تَسَبَّبَ عَنْ الْإِذْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا، قَالَ الْإِمَامُ حَقِيقَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الْأَثَرَ يَنْحَصِرُ فِي الْكَسْبِ، أَوْ يَعُمُّ أَمْوَالَ السَّيِّدِ وَلَيْسَ بِضَمَانٍ حَقِيقَةً لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ مَجْهُولٌ، انْتَهَى قُلْت وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجِب بَعْدُ ثُمَّ عَنْ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْوُجُوبَ لَاقَى الْعَبْدَ ثُمَّ تَحَمَّلَهُ السَّيِّدُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ الْعَبْدَ بَرِئَ السَّيِّدُ وَيَطْلُبَانِ بِخِلَافِهِ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَهُمَا فِي كَسْبِهِ إلَخْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى. أَقُولُ كَيْف يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْمَتْنُ بَعْدَ النِّكَاحِ مَعَ مَا سَلَفَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّ مَعْنَى الْقَدِيمِ التَّعْلِيقُ بِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا وَالْقَدِيمُ يَقُولُ الْتَزَمَهُمَا ضِمْنًا. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُهُمَا) الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي كُلِّ دَيْنٍ أُذِنَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَالضَّمَانِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ إذْنٌ فِي لَوَازِمِهِ، وَكَيْفِيَّةُ الصَّرْفِ الْبُدَاءَةُ بِالنَّفَقَةِ وَمَا فَضَلَ لِلْمَهْرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ النِّكَاحِ) خَرَجَ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>