جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) كَأَنْ لَقَّنَّهُ (لَمْ يَقَعْ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ.
(وَقِيلَ إنْ نَوَى) بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (وَقَعَ) لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَرَدَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الطَّلَاقِ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا
(وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) لِحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُ الْإِغْلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ، (فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَزَ أَوْ عَلَى طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ عَلَى كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ عَلَى تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ عَلَى أَنْ يَقُولَ سَرَّحْت فَقَالَ طَلُقْت، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَلَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِلْإِكْرَاهِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُعْمَلُ، (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ) عَاجِلًا (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِهِ، (وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ وَيَحْصُلُ) ، الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَنَحْوِهَا) ، كَأَخْذِ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ.
(وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ) فَلِلتَّخْوِيفِ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، (وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ (قَتْلٌ) أَوْ قَطْعٌ لِطَرَفٍ مَثَلًا، (أَوْ ضَرْبٌ مَخُوفٌ) ، أَيْ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ فَالتَّخْوِيفُ
ــ
[حاشية قليوبي]
بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (بِالْعَرَبِيَّةِ س) وَتَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ بِغَيْرِهَا وَصِيغَتُهَا الْعَجَمِيَّةُ ته يشتبه أَيْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَمِنْ هَذَا لَوْ شَكَتْ زَوْجَتُهُ بِوَجَعٍ وَطَلَبَتْ مِنْهُ رُقْيَاهَا فَقَالَ لَا أَعْرِفُ رَقْيًا فَقَالَتْ لَهُ أُعَلِّمُك رُقْيَةً تَنْفَعُ فَقَالَ مَا هِيَ فَقَالَتْ قُلْ عَلَى رَأْسِي أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ لَهَا فَلَا يَقَعُ حَيْثُ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَاللَّاعِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (مُكْرَهٍ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى فِعْلِ صِفَةٍ كَأَنْ عَلَّقَ بِهَا كَمَا قَالَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ قَالَ وَمِنْ الْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، إلَّا كَسَرَهُ عَلَى رَأْسِهَا فَوَجَدَ هَاوُنًا قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَخَلَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَا لَوْ حَلَفَتْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ وَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَعْسَرَ نَعَمْ إنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ مَعْصِيَةً حَنِثَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتُلِفَ فِي تَصْوِيرِ الْمُكْرَهِ بِحَقٍّ، فَقِيلَ كَالْمَوْلَى وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَقِيلَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ قَدْ طَلَّقَ أُخْتَهَا وَلَهَا حَقُّ قَسَمٍ وَطَلَبَتْهُ. قَوْلُهُ: (إغْلَاقٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَوَحَّدَ) أَوْ ثَنَّى وَإِنَّ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ زَادَ كَسَبْعِينَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (عَلَى وَاحِدَةٍ) أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَقَيَّدُ فِي هَذِهِ بِصِيغَةِ مُعَيَّنَةٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْمَلُ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا يُفِيدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَغَلُّبٍ) كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَصَوْا سَطَوْا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ كَتَسْلِيطِ الْحُكَّامِ مِنْ شُيُوخِ الْبِلَادِ وَنَحْوِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَأَمْرُ الْحَاكِمِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا عَلَى كَلَامِهِ إكْرَاهٌ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ مِنْ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (كَالِاسْتِغَاثَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ.
قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ) فَلَوْ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا، وَمِنْهُ تَخْوِيفُ أَخْرَقَ بِمَا يَحْسَبُهُ مُهْلِكًا وَالْأَخْرَقُ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَنْ لَا يَعْرِفُ النَّافِعَ مِنْ الْمُضِرِّ فَيَحْسَبُهُ بِمَعْنًى يَظُنُّهُ. قَوْلُهُ: (بِتَخْوِيفٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْهُلُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ارْتِكَابُهُ دُونَ الطَّلَاقِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ) وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ ضَرْبِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ قَتْلِهِمَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَتْلِ بَعْضِهِ الْمَعْصُومِ وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفَلَ إكْرَاهٌ هُوَ وَجِيهٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّابِطِ السَّابِقِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ طَلِّقْهَا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي، فَهُوَ إكْرَاهٌ وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (إتْلَافِ مَالٍ) أَوْ نَفْسٍ بِالْأَوْلَى وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَإِلَّا أَطْعَمْتُك سُمًّا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ فَغَيْرُ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِذَوِي
ــ
[حاشية عميرة]
الْأَجْنَبِيَّةَ التَّدْيِينُ. قَوْلُهُ: (الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ) أَيْ وَغَيْرُ هَذِهِ مِثْلُهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ) وَكَذَا عَكْسُهُ.
[طَلَاقُ مُكْرَهٍ]
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ وَكِيلًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي إغْلَاقٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ كَأَنَّهُ يُغْلِقُ عَلَيْهِ الْبَابَ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يُطَلِّقَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا بِالْغَصْبِ.
قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُقَالُ الْأَوَّلُ يُغْنِي عَنْ هَذَا انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ خُوِّفَ أَخْرَقُ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا فَلِلْإِمَامِ فِيهِ احْتِمَالَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا، فَصَلَّوْا فَبَانَ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ الْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ.
قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الضَّرْبَ غَيْرَ الشَّدِيدِ إكْرَاهٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ شَدِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) فِي التَّخْوِيفِ بِقَتْلِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ قَطْعِهِمَا وَجْهَانِ.