للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِعُذْرِهِ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ بَعْدَ الْأَكْلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِي السَّفَرِ مُبَاحٌ مَعَ الْعِلْمِ، بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْأَكْلِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ فَحَكَى الْمُتَوَلِّي فِي لُزُومِ الْإِمْسَاكِ الْقَوْلَيْنِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ. (وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) فَلَا إمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ بِالْفِطْرِ فِيهِمَا ثُمَّ الْمُمْسِكُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ، فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ.

فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا تَدَارُكَ لَهُ أَيْ لِلْفَائِتِ (وَلَا إثْمَ) بِهِ إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ. (لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ) بَلْ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّدَارُكِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، (وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

بِهِ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَكَّ وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ.

قَوْلُهُ: (سِوَى الْإِثْمِ) وَيُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَكْرُوهًا كُرِهَ كَالِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَهُ.

فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ فِطْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ التَّدَارُكِ وَعَدَمِ الْإِثْمِ فَمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَجِبُ تَدَارُكُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَضَاءِ وَيَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ أَنْ يُدْرِكَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، وَلَوْ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَعْذُورًا فَصَحَّ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَيْ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَإِلَّا

ــ

[حاشية عميرة]

عَدَمِ الْأَكْلِ قَالَ. فَمَا قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ صَوَابٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَخَطَأٌ فِي الظَّاهِرِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ تَغْلِيظٌ، وَعُقُوبَةٌ قَدْ تُنْزِلُ الْمُخْطِئَ مَنْزِلَةَ الْعَامِدِ، لِانْتِسَابِهِ إلَى تَرْكِ التَّحَفُّظِ كَمَا فِي حِرْمَانِ الْقَاتِلِ خَطَأً مِنْ الْمِيرَاثِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ الْمُتِمِّ لِلْحَجِّ الْفَاسِدِ.

[فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ]

فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) مِنْ صُوَرِهِ عُرُوضُ الْحَيْضِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ فَاتَ بِعُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ. قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ فَاتَ بِغَيْرِهِ وَالصُّورَةُ عَدَمُ التَّمَكُّنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْآتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) ذَهَبَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَى عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ إذَا مَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي، قَالَ: لِأَنَّهُ قَضَاءُ مَوْضِعٍ فِي وَقْتٍ مَحْصُورٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ.

وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ وَارِثًا وَلَهُ تَرِكَةٌ أَنْ يَجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ الْفِدْيَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ فَاتَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُقْسَمَ أَوَّلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>