للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفِي قَوْلٍ) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَالٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ قَدِيمٌ.

(وَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ) يَجِبُ (قِيمَتَانِ وَالثَّانِي) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) عَنْهَا (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.

بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ أَيْ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابَيْنِ (وَالْعَاقِلَةِ) عَطْفٌ عَلَى مُوجِبَاتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمْ (وَالْكَفَّارَةِ) لِلْقَتْلِ وَذَكَر فِيهِ قَبْلَهَا الْغُرَّةَ وَجِنَايَةَ الْعَبْدِ إذَا (صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) كَائِنٌ (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ (فَوَقَعَ بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ (فَمَاتَ) بَعْدَ الْوَقْعِ (فَدِيَةٌ) أَيْ فَفِيهِ دِيَةٌ (مُغَلَّظَةٌ) بِالتَّثْلِيثِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي قَوْلٍ) فِيهِ (قِصَاصٌ) لِأَنَّ التَّأَثُّرَ بِهِ غَالِبٌ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ غَلَبَتَهُ وَيَجْعَلُ مُؤَثِّرَهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَا يَبْلُغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُقَدَّرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَلَغَهُ نَقَصَ مِنْهُ الْقَاضِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ، وَفَرَّقَ تَبَعًا لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الرَّقِيقِ أَصَالَةً نَقْصُ الْقِيمَةِ حَتَّى الْمُقَدَّرِ أَرْشُهُ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْحُرِّ.

تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ الْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَبِقَدْرِ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ فَفِي قَطْعِ يَدٍ مِمَّنْ نِصْفُهُ حُرٌّ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ، وَفِيمَا لَا مُقَدِّرَ لَهُ يُقَوَّمُ كُلُّهُ رَقِيقًا سَلِيمًا بِلَا جُرْحٍ ثُمَّ رَقِيقًا بِهِ، وَيُوَزَّعُ النَّقْصُ نِصْفَيْنِ فَيَجِبُ نِصْفُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَدَّرَ حُرًّا كُلُّهُ ثُمَّ رَقِيقًا كُلُّهُ، وَيَنْظُرُ الْوَاجِبَ لِذَلِكَ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدِّرُ نِصْفَهُ الْحُرَّ رَقِيقًا وَيَنْظُرُ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ مِنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ يُوَزَّعُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَوْ وَجَبَ بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَبِالثَّانِي رُبُعُ الْقِيمَةِ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، كَمَا مَرَّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ رُبُعِ الْقِيمَةِ اهـ.

كَلَامُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَفَسَادٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (يَجِبُ قِيمَتَانِ) نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَهُ مَثَلًا مُرَتَّبًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يَمُتْ مِنْهُمَا لَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْأَوَّلِ ثَمَانَمِائَةٍ لَزِمَ الْأَوَّلَ خَمْسُمِائَةٍ وَلَزِمَ الثَّانِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لَا أَرْبَعُمِائَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَسْتَقِرَّ جِنَايَتُهُ، وَقَدْ أَوْجَبْنَا عَلَى الثَّانِي نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَانَ الْأَوَّلُ انْتَقَصَ نِصْفَهَا فَلَوْ انْدَمَلَتْ قَبْلَ جِنَايَةِ الثَّانِي لَزِمَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَفَسَادٌ وَاضِحٌ.

بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِيجَابِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْبَابَيْنِ) غَلَبَ الْبَابُ لِسَبْقِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ لِكِتَابِ الْجِرَاحِ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةِ) عَطْفٌ عَلَى الدِّيَةِ وَلِذَلِكَ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَلَاقَةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِيهِ إلَخْ. إلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ بِمَعِيبٍ.

قَوْلُهُ: (صَاحَ) وَلَوْ بِلَا آلَةٍ أَوْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (عَلَى طَرَفٍ) لَا عَلَى غَيْرِهِ كَوَسَطِهِ إلَّا إنْ كَانَ نَحْوَ جَمَلُونٍ مُدَحْرَجٍ. قَوْلُهُ: (سَطْحٍ) أَيْ عَالٍ بِحَيْثُ يُنْسَبُ لِلْوُقُوعِ مِنْهُ الْهَلَاكُ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ ارْتَعَدَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ إلَى الصِّيَاحِ سَوَاءٌ ارْتَعَدَ أَوْ لَا، وَيُصَدَّقُ الصَّائِحُ فِي عَدَمِ الِارْتِعَادِ أَيْ عَدَمُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ لِصِيَاحِهِ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوُقُوعِ) قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ مَكَانَهُ فَهَدَرٌ، فَالْمُرَادُ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوُقُوعِ وَكَالْمَوْتِ تَلَفُ بَعْضِ أَطْرَافِهِ أَوْ لَطَائِفِهِ كَزَوَالِ عَقْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ أَيْضًا، وَيَجْرِي هَذَا فِي الْمُمَيِّزِ الْآتِي وَلَوْ بَالِغًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ مُؤَثَّرَهُ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ لَا يُمَيِّزُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ، لِأَنَّ

ــ

[حاشية عميرة]

فَلَوْ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ ثُمَّ انْدَمَلَتَا لَمْ نُغَرِّمْهُ أَرْبَعَمِائَةٍ بَلْ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ كَيْ يُمْكِنَ اعْتِبَارُ النَّقْصِ وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ انْتَقَصَ نِصْفَ الْقِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (يَجِبُ) هَذَا الْفِعْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ قِيمَتِهِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ جُزْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا نِسْبَةُ الْوَاجِبِ فِي الْحُرِّ إلَى الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجُمْلَةِ الْقِيمَةُ.

[دِيَة قطع الذَّكَرَ وأنثياه]

قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَالَفَ فِيهَا الْحُرَّ لِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي مِثْلِ هَذَا حُكُومَةٌ بِاعْتِبَارِ إحْدَى الْحَالَاتِ إلَى الِانْدِمَالِ وَيُخَالِفُ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَاعْتِبَارُ نُقْصَانِ أَوْصَافِهِ مِنْ ضَمَانِ نَفْسِهِ وَعَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَوُجُوبُ نَقْدِ الْبَلَدِ دُونَ الْإِبِلِ وَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَهَذَا الْأَخِيرُ كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَدَيْنِ.

[بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ]

ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (عَلَى صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الصَّائِحِ قَوْلُهُ: (بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفَاءِ مَا يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَالشَّرْطُ أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ لَزِمَهُ دِيَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>