للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ الْفُرُوضِ جَمْعُ فَرْضٍ بِمَعْنَى نَصِيبٍ أَيْ الْأَنْصِبَاءُ. (الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) لِلْوَرَثَةِ (سِتَّةٌ النِّصْفُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُهَا (فَرْضُ خَمْسَةٍ زَوْجٌ لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَبِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ أَوْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ) قَالَ تَعَالَى فِي الْبِنْتِ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: ١١] وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ بِنْتُ الِابْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] الْمُرَادُ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ دُونَ الْأُخْتِ لِأُمٍّ لِأَنَّ لَهَا السُّدُسَ لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَاحْتَرَزَ بِمُنْفَرِدَاتٍ عَمَّا إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ إخْوَتِهِنَّ أَوْ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ اجْتَمَعَ بَعْضُهُنَّ مَعَ بَعْضٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(وَالرُّبُعُ فَرْضُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ وَلَدٌ أَوْ وِلْدَانٌ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَزَوْجَةٍ لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَمِثْلُ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الِابْنِ إجْمَاعًا (وَالثُّمُنُ فَرْضُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَلِلزَّوْجَتَيْنِ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ مَا ذُكِرَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابَيْ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَتَوَارَثَانِ. (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا وَابْنَتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى نَصِيبٍ) لَا بِمَعْنَى مُقَدَّرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ بِقَوْلِهِ الْمَقْدِرَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَقْدِرَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ إلَّا فِي الرَّدِّ وَلَا تَنْقُصُ إلَّا فِي الْعَوْلِ، كَذَا قَالُوا وَالْوَجْهُ تَرْكُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِمَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِي مَاصَدَقِهِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ لَا فِي عَيْنِهِ فَهُوَ لِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ، إذْ لَا يُقَالُ فِي زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ إنَّ فَرْضَ الزَّوْجَةِ التُّسْعُ، وَلَا فِي بِنْتٍ وَأَمٍّ إنَّ فَرْضَ الْأُمِّ الرُّبُعُ وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (فِي كِتَابِ اللَّهِ) خَرَجَ مَا يُفْرَضُ لِلْجَدِّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَثُلُثُ الْبَاقِي لِلْأُمِّ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلْوَرَثَةِ) بَيَانٌ لِانْحِصَارِهَا فِي السِّتَّةِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةٌ) أَيْ مِقْدَارًا وَعَدَدًا وَخَمْسَةً مَخْرَجًا، كَمَا يَأْتِي وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَاتٍ، فَيُقَالُ هِيَ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِ، وَيُقَالُ هِيَ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَضِعْفُ ضِعْفِهِ، وَيُقَالُ هِيَ الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُهُ وَهَذِهِ أَخْصَرُهَا.

قَوْلُهُ: (النِّصْفُ) بَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ كَسْرٍ مُفْرَدٍ وَلِأَنَّ فِي مُسْتَحِقِّيهِ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَدُّدُهُ وَهُوَ الزَّوْجُ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَدُّدُ غَيْرِهِ مَعَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ التَّعَدُّدُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. وَبَعْضُهُمْ بَدَأَ بِالثُّلُثَيْنِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ بِالْأَوْلَادِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَهَمُّ عِنْدَ الْآدَمِيِّ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ أَحَدُهَا) آثَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الَّتِي فِيهَا حَذْفُ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ عَلَى أَنْ يَقُولَ أَحَدُهَا النِّصْفُ، وَهُوَ فَرْضُ إلَخْ. اللَّازِمُ عَلَيْهِ حَذْفُ مُبْتَدَأَيْنِ وَهُوَ أَقْوَى فِي الْمُرَاعَاةِ مِنْ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا عُمْدَةً مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ بَدَلٌ مَوْصُوفٌ لَا مُبْتَدَأٌ وَلَا خَبَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (زَوْجٌ) يَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ وَالرَّفْعُ وَكَذَا النَّصْبُ لَوْلَا الرَّسْمُ وَبَدَأَ بِهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ تَعَدُّدِهِ فِي ذَاتِهِ كَمَا مَرَّ. فَهُوَ أَسْهَلُ وَلِتَقْدِيمِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الْوَلَدِيَّةِ فِي نَحْوِ الْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَرِدَاتٍ) حَالٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِجَعْلِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. قَوْلُهُ: (مَعَ إخْوَتِهِنَّ) الْأَوْلَى مَعَ مُعَصِّبِهِنَّ لِيَشْمَلَ الْأُخْتَ مَعَ الْجَدِّ أَوْ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتَمَعَ بَعْضُهُنَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ يَخْرُجُ عَنْ النِّصْفِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنَّ غَيْرَ الْأُولَى مِنْهُنَّ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ، إمَّا إلَى فَرْضٍ دُونَهُ، وَإِلَى تَعْصِيبٍ وَلَوْ مِثْلَهُ، كَأُخْتٍ مَعَ بِنْتٍ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَنْفَرِدْنَ عَمَّنْ يَحْجُبُهُنَّ حِرْمَانًا أَوْ نُقْصَانًا وَأَسْقَطَهُ الشَّارِحُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُوجَدُ فِي الْبِنْتِ وَالثَّانِي دَاخِلٌ فِي اجْتِمَاعِ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ نَعَمْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي اجْتِمَاعِ الْبَنَاتِ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَدٌ أَوْ وِلْدَانٌ) لَوْ قَالَ فَرْعٌ وَارِثٌ فِي هَذَا أَوْ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجَتَيْنِ إلَخْ) هُوَ إيرَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ قُصُورٌ وَلَوْ قَالَ لِجِنْسِ زَوْجَةٍ فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلُ الْفُرُوض]

ُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْجَدِّ الثُّلُثَ فِي مَسَائِلِ الْإِخْوَةِ، وَالْأُمِّ ثُلُثَ الْبَاقِي فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا الِارْتِقَاءُ إلَى السُّبْعِ وَالتُّسْعِ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ فَأَصْلُهَا الْفُرُوضُ السِّتَّةُ غَايَةُ الْأَمْرِ، أَنَّ الثُّمُنَ مَثَلًا صَارَ تُسْعًا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا ثُمُنُ عَائِلٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ الثُّلُثَانِ تَضْعِيفُ الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ فَرْضًا بِرَأْسِهِ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا النِّصْفُ الْوَاحِدُ مِنْ الْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (كَالْوَلَدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إمَّا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُ أَوْ بِالْقِيَاسِ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَإِنَّمَا جُعِلَ لِلزَّوْجِ ضِعْفُ مَا لِلزَّوْجَةِ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّ فِيهِ ذُكُورَةً، وَهِيَ تَعْصِيبٌ فَكَانَ كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْإِجْمَاعِ.

قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مُرَادَهُ الِاحْتِرَازُ مِنْ هَذَا الِاجْتِمَاعِ الْخَاصِّ لَا عَنْ مُطْلَقِ الِاجْتِمَاعِ بِأَنَّ لَهَا مَعَ الزَّوْجِ مَثَلًا النِّصْفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرُّبُعُ) قِيلَ يُرَدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْأُمِّ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَإِنَّ لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبُعٌ لَكِنَّهُمْ تَأَدَّبُوا مَعَ لَفْظِ الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجَتَيْنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِذَا لَمْ تَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا بِلَفْظِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، فَإِنَّهُنَّ وَرَدْنَ فِيهِ تَارَةً بِلَفْظِ الْوَاحِدَةِ، وَتَارَةً بِلَفْظِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَبِنْتَيْ ابْنٍ) يَعْنِي مُنْفَرِدَتَيْنِ عَنْ بِنْتِ الصُّلْبِ وَإِلَّا فَلَهُمَا السُّدُسُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ أَيْضًا فِي الْأَخَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>