للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ فِيهَا عَلَى وِزَانِ ذَلِكَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ، وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا وَلَا أَعُودُ إلَيْهَا (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَ) الْمَعْصِيَةُ (غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ) كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ (يُشْتَرَطُ) فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا (إقْلَاعٌ) عَنْهَا (وَنَدَمٌ) عَلَيْهَا (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهَا، (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكَّنُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. .

فَصْلٌ (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَذِكْرَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ فِيهِ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] الْآيَةَ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) كَفِعْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ يَثْبُتَانِ بِاثْنَيْنِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِزِنًا مِنْ ذِكْرِهِ مُفَسَّرًا، فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ فِي فَرْجِهَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا (وَلِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَحَقٍّ

ــ

[حاشية قليوبي]

مُرُوءَةٍ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْفِسْقَ بِالْخَفِيِّ، وَإِلَّا قُبِلَتْ حَالًا، وَكَذَا مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْفَاسِقِ فِي غَيْرِهَا وَمِثْلُهُ خَارِمُ الْمُرُوءَةِ.

قَوْلُهُ: (بِسِتَّةٍ) أَيْ تَقْرِيبِيَّةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ نَعَمْ يَكْفِي فِي غَيْبَةٍ بِصَغِيرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ صَاحِبَهَا اسْتِغْفَارٌ وَلَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ الِاسْتِغْفَارِ فَالْوَجْهُ بَقَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ الْقَوْلُ فِي نَحْوِ يَا خِنْزِيرُ يَا مَلْعُونُ. قَوْلُهُ: (فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا) أَيْ وَمِنْ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ) وَعَدَمُ وُصُولِهِ إلَى حَالَةِ الْغَرْغَرَةِ وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالٍ) بِعَيْنِهِ أَوْ بِبَدَلِهِ أَوْ بِالْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ إذَا قَدَرَ وَبِرَدِّهِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ وُرَّاثِهِ أَوْ لِحَاكِمٍ ثِقَةٍ وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ إذَا عَرَفَهُ.

فَرْعٌ: تَجِبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَلَوْ صَغِيرَةً، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ آخَرَ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لَا بِتَذَكُّرِهِ، وَإِذَا تَابَ فِي قَتْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ صَحَّتْ فِي حَقِّ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ تَوْبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ بِشَرْطِ النَّدَمِ عَلَيْهِ، وَكَذَا صَلَاةٌ تَرَكَهَا.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَعَدُّدِ الشُّهُودِ

وَحَاصِلُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إمَّا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ رَجُلَانِ فَقَطْ، أَوْ رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْيَمِينُ مَعَ الرَّجُلِ مُؤَكَّدٌ، وَالْأَوَّلُ فِي نَحْوِ الزِّنَا وَالثَّانِي فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَالثَّالِثُ فِي نَحْوِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّابِعُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ، وَالْخَامِسُ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ) بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعُمُومِ فَهُوَ حُكْمٌ حَقِيقَةً بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثُبُوتٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لِلْحَصْرِ فِيهِ) أَيْ الْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُكْمٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ قَبُولُ الْوَاحِدِ فِي الْخَرْصِ وَفِي الْقِسْمَةِ وَفِي ثُبُوتِ إسْلَامِ كَافِرٍ مَاتَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعُهَا وَفِي أَخْبَارِ الْعَوْنِ لِلْحَاكِمِ، بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ لِأَجْلِ تَعْزِيرِهِ وَفِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بِعَدْلٍ رَأْي هِلَالَ شَوَّالٍ، وَفِي صِحَّةِ صَوْمِ شَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ بِذَلِكَ، وَفِي صِحَّةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

قِصَّةِ الْمُتَخَلِّفِينَ فِي تَبُوكَ وَأَمَّا عَدَمُ التَّقْدِيرِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ: وَكَيْفَ يُطْمَعُ فِي التَّقْدِيرِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَطَةٌ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إقْلَاعٌ عَنْهَا) أَيْ بِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ حَالًا وَبِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ حَالًا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَالِ وَالنَّدَمِ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمِ أَنْ لَا يَعُودَ بِالْمُسْتَقْبَلِ قَالَ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٣٥] وَقَالَ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: ١٣٥] الْأَوَّلُ النَّدَمُ وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَدُّ ظُلَامَةٍ) رَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحِلَّهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ وَطُرِحَ عَلَيْهِ» .

فَائِدَةٌ: لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ وَهُوَ مُفْلِسٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ لِوَفَائِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْمَظْلُومِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَارِثٌ دَفَعَهُ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْغُرْمِ لَوْ عَلِمَهُ.

[فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ]

فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) قَدْ سَلَفَ أَنَّ آخِرَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ الِاثْنَيْنِ.

فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ مُسْلِمٌ أَنَّ هَذَا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ حَكَاهُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِ الزِّنَا لِتَمَكُّنِ الْمُقِرِّ مِنْ الرُّجُوعِ.

قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُتَصَوَّرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَأَنْكَرَ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ سَمَاعِهَا بِالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً.

<<  <  ج: ص:  >  >>