للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَنْفَعَةِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.

(وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْمُكْتَرِي وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّابِعَةَ هِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ. (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بَلْ تَسْتَوْفِي مُدَّتَهَا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ وَأُجِيبَ بِمَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ، إنَّ الْعَيْنَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُسَلَّمُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ، وَالْقَوْلَانِ أَذِنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَا وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ.

كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ «وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ قَطُّ،

ــ

[حاشية قليوبي]

انْفَسَخَتْ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ، قَبْلَهَا وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ لَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ انْفَسَخَتْ إنْ سَبَقَ الِاسْتِيلَادُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَرْبِيًّا فَرَقَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَالْمَنَافِعُ تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (لِلْمُكْتَرِي) فَلَوْ بَاعَهَا الْمُكْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ الْآخَرِ، انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى لَوْ اسْتَثْنَى مَنَافِعَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَهَبَهَا أَوْ وَقَفَهَا لَمْ تَنْفَسِخْ أَيْضًا وَسَوَاءٌ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ. قَوْلُهُ: (لِقِلَّةِ زَمَنِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ زَمَنُهَا أَنَّهَا لَا تُسَلَّمُ لَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا نَاظِرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهَا قِلَّةُ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ) وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْإِجَارَةَ وَجَهِلَ الْمُدَّةَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْمُدَّةَ وَظَنَّ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ فِي بَاقِيهَا خِلَافًا لِلشَّاشِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَمَنْفَعَةُ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِلْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ بِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ.

تَنْبِيهَاتٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَا بِحُدُوثِ طَالِبٍ بِهَا بَعْدَهُ، وَلَوْ فِي إجَارَةِ وَقْفٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ، فَلَوْ كَانَ الطَّلَبُ مَوْجُودًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَتَغَيَّرْ عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِعَدَمِ النَّسْخِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِظُهُورِ رَاغِبٍ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ شَافِعِيًّا فَلِلْمُخَالِفِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ شَافِعِيٌّ لَمْ يُنْقَضْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَزَرَعَهَا ثُمَّ مَاتَ حَلَّتْ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ وَلِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ زَرَعَهَا غَيْرُهُ مُتَعَدِّيًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَارْتَفَعَ الْحُلُولُ وَيَرُدُّ الْمُؤَجِّرُ مَا أَخَذَهُ لِلْوَرَثَةِ، وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ مُقَسَّطَةً فَكَتَبَهَا الشُّهُودُ إجْمَالًا ثُمَّ تَفْصِيلًا، بِمَا لَا يُطَابِقُ الْإِجْمَالَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ تَحَالَفَا لِسُقُوطِهِمَا بِالتَّعَارُضِ وَإِلَّا كَأَنْ قَالُوا أَرْبَعُ سِنِينَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كُلُّ شَهْرٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ حُمِلَ عَلَى تَقْسِيطِ الْمَبْلَغِ عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ، فَيَفْضُلُ بَعْدَ تِسْعَةِ عَشَرَ شَهْرًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَتُقَسَّطُ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الشَّهْرِ، وَهُوَ يَوْمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَةٌ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ.

كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَيْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِمَا فِيهَا مِنْ إحْدَاثِ مَنْفَعَةٍ بِأَمْرٍ جَائِزٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَرْضُ مِلْكُ اللَّهِ ثُمَّ مَلَّكَهَا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهَا الشَّارِعُ عَلَى أُمَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَرْضُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ عَلَى حُقُوقٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ أَوْ مُنْفَكَّةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَوَاتُ. قَوْلُهُ: (هُوَ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ أَصْلُهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي بَعْضَ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ) أَيْ لِلْمُحْيِي عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَهُ) هَذَا دَلِيلُ الْمِلْكِ فَعُلِمَ مِنْهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ دَارَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الْمِلْكِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي لَيْسَ لِنَفْسِ الْإِحْيَاءِ، بَلْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ الْعَوَافِي كَمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَهُ فِيهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ أَجْرٌ أَيْ ثَوَابٌ بِهِ أَوْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي حَدِيثٍ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي جَمْعُ عَافِيَةٍ أَوْ عَافٍ أَيْ طُلَّابِ الرِّزْقِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، مِنْهَا لَهُ صَدَقَةٌ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ وَهُمَا لِلْأَغْلَبِ.

ــ

[حاشية عميرة]

السَّيِّدُ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ لَمْ يَرْجِعْ بِلَا خِلَافٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا لَا لَفْظًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ اُتُّجِهَ الْبُطْلَانُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) أَيْ بِحَقٍّ لَازِمٍ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ.

[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

الْمَوَاتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُ

الْمَتْنِ: (وَمَا كَانَ مَعْمُورًا) شَمِلَ مَا لَوْ أَحْيَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>