(وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ.
(وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ) وَلَمْ يَسِرْ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ. (وَسَوَاءٌ فِيهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إذَا سَلَّمَ) الْمُؤَجِّرُ (الدَّابَّةَ الْمَوْصُوفَةَ) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (وَتَسْتَقِرُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ) سَوَاءً انْتَفَعَ أَمْ لَا، وَسَوَاءً كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى أَمْ أَكْثَرَ.
(وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً وَآجَرَ) دَابَّةً (لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ السَّيْرِ) إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةُ (لَا تَنْفَسِخُ) إذْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمُكْرِي كَالْمُكْتَرِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفِي الْوَسِيطِ أَنَّ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارَ لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَا خِيَارَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ مَا تَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةُ مِنْهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا تَحْصِيلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ بِحَالٍ.
(وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ) فِي فَسْخِهَا وَيَسْتَوْفِي الْمُسْتَأْجِرُ مَنْفَعَتَهُ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ) وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِتَفْوِيتِ السَّيِّدِ لَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قِيسَ فِي الْأُولَى عَلَى مَا إذَا مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ وَيَدْفَعُ الثَّلَاثَةَ أَنَّ الْإِعْتَاقَ تَنَاوَلَ الرَّقَبَةَ خَالِيَةً عَنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (وَقَبَضَهَا) كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ تَمُتْ الدَّابَّةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ لِعَدَمِ اسْتِبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَبِهَذَا فَارَقَ سُقُوطَ السِّنِّ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَلَا سَفَرٌ بِهَا وَقَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَهُ السَّفَرُ إنْ شَرَطَهُ أَوْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ إلَخْ) نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ هُنَا، فَلَا يَكْفِي الْعَرْضُ عَلَيْهِ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَيْ وَلَوْ لِأَجْلِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ كَمَا مَرَّ وَلَوْ حَبَسَ بَعْضَهَا انْفَسَخَ فِيهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى مَضَتْ) وَلَوْ مَضَى بَعْضُهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فَوْرًا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْغَصْبِ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَا خِيَارَ لَهُ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا انْفِسَاخَ) وَلَا خِيَارَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ عُيِّنَ زَمَنُ الِاسْتِيفَاءِ وَفَاتَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ آجَرَ عَبْدَهُ) وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) وَكَذَا لَوْ وَقَفَهُ وَنَفَقَتُهُ بَعْدَ وَقْفِهِ وَعِتْقِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ إنْ سَبَقَ التَّعْلِيقُ عَلَى الْإِجَارَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
أَنْ تُغْصَبَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ أَوْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا. قَالَ فِي الْحَاوِي: إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعُذْرُ قَائِمًا بِالدَّابَّةِ كَمَرَضِهَا. أَقُولُ: فِيهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ هَذَا مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لَا مُسْقِطٌ لِلْأُجْرَةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا الْكَلَامُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْفَسْخَ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، أَيْ عِنْدَ انْحِصَارِ الْمَنْفَعَةِ فِي الزِّرَاعَةِ وَكُلُّهُ مُشْكِلٌ، وَاَلَّذِي يَخْطُرُ بِذِهْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ هَذَا وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنْ مَرَضَ الدَّابَّةِ كَعَرَجِهَا بِخِلَافِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ لِخُلُوِّ الْيَدِ مِنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ فِي قِطْعَتِهِ حَاوَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَجْهًا مَرْجُوحًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبَضَهَا) مِثْلُهُ الْعَرْضُ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَوَاءٌ فِيهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَخْ) قَطَعَ فِي التَّنْبِيهِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِالْعَمَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَسْتَقِرُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ. نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ عِوَضَ الْعَيْنِ تَسْتَقِرُّ بِهِ الْأُجْرَةُ فِي الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُؤَجَّرُ عَقَارًا لَمْ يَكْفِ فِي الْفَاسِدَةِ التَّخْلِيَةُ. فَرْعٌ: يَجِبُ فِيمَا لَوْ عَقَدَ غَيْرُ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَكَتُوا، حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمُسَمَّى دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى صَبِيٌّ بَالِغًا وَعَمِلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ.
قَوْلُهُ: (الْمَنْفَعَةُ إلَخْ) وَلَوْ مَضَى بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ، وَفِي الْبَاقِي الْخِلَافُ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَخْ) لَوْ غُصِبَ الدَّابَّةُ أَوْ الْعَبْدُ اُتُّجِهَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُكْتَرِي) لَوْ كَانَ هُوَ الْحَابِسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى، فَكَمَا اسْتَوَى حُكْمُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَلْيَسْتَوِ حُكْمُ الْمُكْرِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ حَبَسَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ ثُمَّ سَلَّمَهُ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ فَيَفُوتُ الْغَرَضُ بِالتَّأْخِيرِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ بِحَالٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَأَخَّرَ وَفَاؤُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ إلَخْ) مِثْلُهُ مَوْتُهُ بَعْدَ إجَارِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى مَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَنَسَبَهُ لِصَاحِبِ الْكَافِي بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْبُطْلَانَ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هُوَ الْحَقُّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ صَدَرَ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى صِفَةٍ قَبْلَ الْإِيجَارِ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي مُدَّتِهِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ. قَوْلُهُ: (لِتَفْوِيتِ السَّيِّدِ لَهُ) أَيْ قَهْرًا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ، وَلَوْ مَاتَ