للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ قَطْعًا الْمُنْتَقِلَةِ إلَى الْوَارِثِ عَلَى الصَّحِيحِ الْآتِي (تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) الْأَوَّلُ (يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ بِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرَّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قِيَاسِ الدُّيُونِ وَالرُّهُونِ وَالثَّانِي قَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا قَدْرُ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ بِشَيْءٍ حَقِيرٍ بَعِيدٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَسَوَاءٌ أُعْلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يُخْتَلَفُ بِهِ. وَحَكَى فِي الْمَطْلَبِ الْخِلَافَ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ تَرْجِيحِ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِهَا فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ عَلَى الْأَرْشِ الْمُرَجَّحِ عَلَى الرَّهْنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ غَيْرُ لُقَطَةِ تَمَلَّكَهَا لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِتَعَلُّقِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ أَيْ بِخِلَافِ دَيْنِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ، لِانْتِقَالِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِشَرْطِهِ فَيُدْفَعُ لِإِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاضٍ أَمِينٍ فَثِقَةٍ، وَلَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْرِفُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَصَارِفِهِ، وَشَمَلَ الدَّيْنُ مَا بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ، وَشَمَلَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ الْحَجُّ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِئْجَارُ، وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ، كَذَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثٍ سَقَطَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِتَرِكَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنْ انْفَكَّ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِهِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (الْمُنْتَقِلَةُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْتِي مِنْ الْمَسَائِلِ مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ الصَّوَابُ تَقْدِيمَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ إلَخْ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الدَّائِنُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمَيِّتِ نَعَمْ.

يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَالْإِيلَادُ عَنْ مُوسِرٍ وَلَوْ وَفَّى مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ، إلَّا إنْ كَانَتْ مِنْ مَرْهُونٍ مِنْ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْجَعْلِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَحُكِيَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَخْصِيصِ الْوَجْهَيْنِ، بِتَعَلُّقِ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَيْضًا، وَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ سُكُوتَ الْمُصَنِّفِ عَنْهُمَا، عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ لَيْسَ لِنَفْيِهِمَا، بَلْ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوَجْهَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ، وَقَالُوا فِيهِمَا: إنَّ الْأَصَحَّ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِقَدْرِهَا، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا فَيَكُونُ الْأَصَحُّ هُنَا، عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ يُخَالِفُ الْأَصَحَّ هُنَا مِنْ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ الْأَظْهَرُ، فَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ صَحِيحٌ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّعَلُّقَ هُنَا بِالْجَمِيعِ مُطْلَقًا، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ، وَبِقَوْلِهِ هُنَا مِثْلُهُ أَيْ التَّرْجِيحُ عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ، وَبِقَوْلِهِ تَقَدَّمَ أَيْ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَبِقَوْلِهِ بِقَدْرِهَا أَيْ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَبِقَوْلِهِ هُنَا أَيْ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ هُنَا، عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ الْمُرَجَّحِ هُنَا، عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ فَتَأَمَّلْ. ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا عَثَرَتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ، وَتَخَالَفَتْ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ]

ِ ظَاهِرُ هَذَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي النُّكَتِ. قَوْلُهُ: (الْمُنْتَقِلَةُ إلَخْ) حِكْمَةُ ذِكْرِ هَذَا التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى هَذَا الصَّحِيحِ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سَائِرُ مَا فِي الْفَصْلِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّ الصَّوَابَ تَقْدِيمُ ذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا لَا تَأْخِيرُهُ كَمَا فَعَلَ الْمِنْهَاجُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَلُّقُهُ بِالْمَرْهُونِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ إذْ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ فِيهِ جَزْمًا بِخِلَافِ إلْحَاقِهِ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَيْعِ اهـ أَقُولُ: وَمُرَادُهُ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي بِهِ التَّعَلُّقُ هَذَا شَأْنُهُ فَلَا يُنَافِي جَرَيَانَ الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ) أَيْ بِالْمَالِ الزَّكَوِيِّ. وَقَوْلُهُ مَعَ تَرْجِيحِ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِهَا أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ وَالْأَرْشُ، وَقَوْلُهُ: فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ هُنَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>