للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ.

وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَوْلَيْنِ وَتَضْعِيفُ أَنَّهُ وَجْهَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَتَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ

(وَلَوْ أَذِنَ) الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبِيعَ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ: رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ: الرَّاهِنُ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيه فَيَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ بَيْعِهِ وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ

(وَمَنْ عَلَيْهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَأَدَّى أَلْفًا وَقَالَ: أَدَّيْتُهُ عَنْ أَلْفِ الرَّهْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ أَدَّى عَنْ الْأَلْفِ الْآخَرِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ ذَلِكَ أَمْ فِي لَفْظِهِ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا أَوْ عَنْهُمَا (وَقِيلَ: يُقَسَّطُ) عَلَيْهَا.

ــ

[حاشية قليوبي]

كَانَ جَانِيًا إلَخْ) أَيْ يَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَكَالرَّجْعَةِ، فَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ أَيْ فِي الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرَّجْعَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى السَّابِقِ فِيهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَحَيْثُ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ، وَأَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ لَهُ بَدَلُهُ إذَا بِيعَ أَوْ هَلْ تَسْلِيمُهُ لَهُ إذَا انْفَكَّ بِلَا بَيْعٍ حَرِّرْهُ.

قَوْلُهُ: (أَلْفَانِ إلَخْ) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ الصِّحَّةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَأَدَّى أَلْفًا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّ الْآخِذِ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ مَثَلًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَثَلًا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مِنْ صَدَاقِهَا، فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا وَقَصَدَهُ عَنْ صَدَاقِهَا بَرِئَ مِنْهُ، وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَوَاجِهِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ دَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (جَعَلَ إلَخْ) وَإِذَا عُيِّنَ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ بِهِ رَهْنٌ مَثَلًا، انْفَكَّ مِنْ وَقْتِ الدَّفْعِ أَوْ اللَّفْظِ وَقِيلَ مِنْ التَّعْيِينِ، فَعَلِمَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلدَّافِعِ انْتِهَاءٌ، وَكَذَا ابْتِدَاءٌ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ مَعَ سَيِّدِهِ، بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِسَيِّدِهِ وَأَحَالَهُ بِمَالٍ، وَقَالَ خُذْهُ عَنْ النُّجُومِ وَقَالَ السَّيِّدُ: بَلْ عَنْ الدَّيْنِ فَالْمُجَابُ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الِانْتِهَاءِ لِتَقْصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُقَسَّطُ) وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ كَوْنِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَهَلْ يُقَسَّطُ بِالْمُنَاصَفَةِ أَوْ بِالتَّوْزِيعِ، وَذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِيمَا إذَا جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُقَسِّطُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ قَدْرُ الدَّيْنَيْنِ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْأَقَلُّ دُونَ قَدْرِ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةً لَمْ يَقُلْ بِهَا شَيْخُنَا فَأَعْرَضْت عَنْ ذِكْرِهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

إقْرَارِي بِهِ عَنْ حَقِيقَةٍ هَذَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) كَانَ وَجْهُ جَرَيَانِ هَذَا هُنَا دُونَ مَا سَلَفَ إسْنَادَ الْجِنَايَةِ إلَى وَقْتٍ خَالٍ عَنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَيَّنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَصَدَّقَهُ وَدَعْوَى زَوَالِ الْمِلْكِ كَدَعْوَى الْجِنَايَةِ لَكِنْ فِي الْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ. وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ سَوَاءٌ قَالَ: قَبْلَ الرَّهْنِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (قَوْلَيْنِ) هُمَا فِي الْأُولَى الْمَعْرُوفَانِ بِقَوْلَيْ الْغُرْمِ لِلْحَيْلُولَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمَعْرُوفَانِ بِمَا يَضْمَنُهُ السَّيِّدُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ، وَرَجَّحَ فِي الْمَرْهُونِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ تَشْبِيهًا بِأُمِّ الْوَلَدِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ فِيهِمَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمَّا شَاءَ) وَقِيلَ يُقَسِّطُ وَجْهَ الْأَوَّلِ، إنَّ التَّعْيِينَ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَوَجْهُ الثَّانِي عَدَمُ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْإِبْرَاءُ كَالْأَدَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَفِيهِ نَظَرٌ.

فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِالتَّقْسِيطِ فَهَلْ هُوَ بِالسَّوِيَّةِ؟ أَوْ بِاعْتِبَارِ قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ؟ ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِي. وَصَاحِبُ الْبَيَانِ إلَى الْأَوَّلِ.

فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ضَامِنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>