يُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ: أَشْهَدَتْ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قَبْلَ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا يَكُونُ مُنَاقِضًا بِقَوْلِهِ لِإِقْرَارِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى فَقِيلَ لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عِنْدَ تَحْقِيقٍ. وَقِيلَ: لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ
(وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (جَنَى الْمَرْهُونُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْمُنْكَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ وَإِذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ) وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ (فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ) الْجِنَايَةَ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (غَرِمَ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ) . وَالثَّانِي يَغْرَمُ الْأَرْشَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (لَا عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ، وَالْخُصُومَةُ تَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِي الْجِنَايَةِ) إنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ لَمْ يَلْحَقْهُ. قَوْلُهُ: (رَسْمُ الْقَبَالَةِ) الرَّسْمُ اسْمٌ لِلْكِتَابَةِ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَثَانِيهِ اسْمٌ لِلْوَرَقَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا هُنَا بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا، كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا فَرْقَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَبْلَهُ، نَعَمْ. إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَحْوِ قَبْضِهِ أَوْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، أَنَّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ، وَالْحَيْلُولَةُ فِي تِلْكَ وَأَنَّ وَقْتَ الْجِنَايَةِ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذِهِ، وَقُيِّدَ فِي الْآتِيَةِ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَأْتِي مَا ذُكِرَ، إذْ إقْرَارُ الرَّهْنِ رُجُوعٌ عَنْ الرَّهْنِ، فَلَا فَائِدَةَ لِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ فِي نَفْيِ الْجِنَايَةِ فَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ، وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ، لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَفِي إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَلِلرَّاهِنِ بَيْعُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْجِنَايَةِ شَيْءٌ، وَلَوْ أَقْبَضَهُ لِلْمُرْتَهِنِ جَازَ وَلَزِمَ بِقَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) وَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَالرَّاهِنُ عَلَى الْبَتِّ، فَإِنْ نَكَلَ مَنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا بِيعَ) مِنْ جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِإِقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَبَيْعُ الْمُرْتَهِنِ صَحِيحٌ ظَاهِرًا مُطْلَقًا وَكَذَا بَاطِنًا مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ إنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ جِنَايَةٌ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ بَاطِنًا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ لِلدَّيْنِ مَعَ إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَيَّدَ الْبَيْعُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُنْكِرِ فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ لَمْ يَبِعْ وَانْفَكَّ الرَّهْنُ لَزِمَ الرَّاهِنَ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي الدَّيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بَيْعُ الرَّاهِنِ الْمُنْكِرِ بِكَوْنِهِ لِلدَّيْنِ بَلْ لَهُ نَزْعُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ قَهْرًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ إلَخْ) لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَغْرَمُ جِنَايَةَ الْمَرْهُونِ وَلَمْ يُتْلِفْ بِالرَّهْنِ شَيْئًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِسَبْقِ الرَّهْنِ عَلَى الْجِنَايَةِ وَفَارَقَ لُزُومُ غُرْمِ السَّيِّدِ أَرْشَ جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهِ بِجِنَايَتِهَا وَلَوْ قَبْلَ إيلَادِهِ بِوُجُودِ فِدَائِهَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَهْنًا وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْ حَيْثُ وَفَاءُ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَالُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مِنْ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ مِنْ رَقَبَةِ الْمَرْهُونِ بِإِقْبَاضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَغْرُومَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْقَاصِرِينَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ) وَإِذَا نَكَلَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَانْتَهَتْ الْخُصُومَةُ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ شَيْئًا لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِنُكُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكُونُ إلَخْ) فَيَأْخُذُهُ الرَّاهِنُ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ
[حاشية عميرة]
التَّحَالُفِ كَانَ أَوْلَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) الرَّسْمُ الْكِتَابَةُ وَالْقَبَالَةُ الْوَرَقَةُ أَيْ أَشْهَدْت عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَوَجُّهُ الدَّعْوَى) أَيْ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ، ثُمَّ إنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute