للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) دِرْهَمًا. وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: ٣٨] أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ الْحِسَابَ فَعَشَرَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ الظَّرْفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَدِرْهَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ.

فَصْلٌ إذَا (قَالَ لَهُ: عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ، (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى مَلْبُوسِهِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، (أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ) . نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (فَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِاقْتِضَاءِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ مَعَ عَشْرَةٍ لِي لَزِمَهُ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ ذَكَرَ لَفْظَ مَعَ وَعَلَيَّ هَذَا فَذِكْرُ مَعَ وَإِرَادَتُهَا سَوَاءٌ فَسَقَطَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْإِطْلَاقُ مَعَ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ كَالْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ أَخْذًا بِالْيَقِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ مِنْ مَعِيَّةٍ أَوْ ظَرْفِيَّةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ حِسَابًا وَلَمْ يُعَرِّفْهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ

وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) وَمِثْلُهُ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَعْلٌ فِي حَافِرٍ، وَحَمْلٌ فِي بَطْنِ دَابَّةٍ، وَثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ، وَسَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ، وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ، نَعَمْ إذَا أَطْلَقَ فِي الْخَاتَمِ دَخَلَ فَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ دَابَّةٌ إلَّا حَمْلَهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ هُنَا، وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ يَدْخُلُ هُنَا لَا الْحَمْلُ وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ وَأُسُّ الْجِدَارِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ الظَّرْفُ) وَمِنْهُ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا. قَوْلُهُ: (دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا) وَمِثْلُهُ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ أَوْ بِثِيَابِهِ أَوْ دَارٌ بِفُرُشِهَا، أَوْ دَابَّةٌ بِحَمْلِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ الْكُلُّ بِخِلَافِ مَعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ إضَافَةُ نَحْوِ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجٍ، وَإِلَّا نَحْوُ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجِهَا فَيَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (مُطَرَّزٌ) بِخِلَافِ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ طُرُزٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ طِرَازُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ فِي الطِّرَازِ فِيهِمَا الطَّارِئُ عَلَى الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى مَعَ) وَلَوْ صَرَّحَ بِمَعَ فَهِيَ مِثْلُ فِي. قَوْلُهُ: (وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ: لَهُ عَلَيَّ فَرَسٌ مُسْرَجٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ السَّرْجُ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ شَيْءٌ أَوْ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ مَا فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (فِي مِيرَاثِي) وَمُنِعَتْ لِإِضَافَةِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَلْفٌ) وَمِثْلُهُ جُزْءٌ شَائِعٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى نَحْوِ وَصِيَّةٍ مَعَ إجَازَةٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَعْدُ هِبَةٍ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ عَلَيَّ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ، وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ وَيَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ حَائِزًا أَوْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَيَلْزَمُ الْأَلْفُ وَإِنْ تَلِفَتْ التَّرِكَةُ. قَوْلُهُ: (نَصَّ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الْخِلَافِ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ مَا قِيلَ: إنَّ النَّصَّ الْمُخْرَجَ مِنْهُ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّصَّيْنِ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ إلَخْ) وَهَذَا النَّصُّ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ كَرَّرَهُ مِرَارًا وَلَوْ فِي مَجَالِسَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّأْكِيدَ النَّحْوِيَّ. قَوْلُهُ: (وَدِرْهَمٌ) وَثُمَّ كَالْوَاوِ وَكَذَا الْفَاءُ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا كَالتَّفْرِيعِ فَدِرْهَمٌ فَقَطْ.

ــ

[حاشية عميرة]

حُكْمُهَا هُنَا وَفِي الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) عُلِّلَتْ الْأُولَى أَيْضًا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَظْرُوفِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِالظَّرْفِ.

[فَصْل الْإِقْرَار بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ]

فَصْلٌ: قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَخْ

قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتًا فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ دَابَّةً فِي إصْطَبْلٍ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَعَلَيْهِ فَصٌّ وَقَالَ: أَرَدْت مَا عَدَا الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ مَعَ الْحَمْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسَرْجِهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مُسْرَجَةٌ أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ) هَذَا النَّصَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوَّلَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قِيلَ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْ النُّسَّاخِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ وَدِرْهَمٌ إلَخْ) مِثْلُهُ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَكَذَا بِالْفَاءِ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا فَالنَّصُّ دِرْهَمٌ، إذْ التَّقْدِيمُ فَالدِّرْهَمُ لَازِمٌ لِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>