للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ وَدِرْهَمٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَأْكِيدَ الثَّانِي) بِعَاطِفَةٍ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ ثَالِثٌ وَكَذَا إنْ نَوَى) بِهِ (تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (فِي الْأَصَحِّ) ثَالِثٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَنِيَّةُ التَّأْكِيدِ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ مُلْغَاةٌ، وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِطْلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ ثَالِثٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَخْذًا بِالْيَقِينِ

(وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ، (وَلَوْ بَيَّنَ) الْمُبْهَمَ بِمَا يُقْبَلُ (وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ) فِي أَنَّهُ حَقُّهُ (فَلْيُبَيِّنْ) جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ (وَلْيَدْعُ) بِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) ، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ مَا لِي عَلَيْك إلَّا مِائَةُ دِينَارٍ وَادَّعَى بِهَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِرَدِّ الْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ.

(وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبِرِ عَنْهُ

(وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ عُكِسَ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِجَوَازِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّهِ أَوْ قَبْلَهُ، (فَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ

(أَوْ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ أَلْفٌ قَضَيْته لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي الْأَظْهَرِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَلَا بُدَّ فِي بَلْ مِنْ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ عَطَفَ بِلَكِنْ أَوْ بِبَلْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَأَحَدُهُمَا نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ بِهِ فِيهِمَا وَلَوْ صِفَةً، أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَاهُ كَدِرْهَمٍ بَلْ أَوْ لَكِنْ دِينَارًا وَهَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ. قَوْلُهُ: (لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ) أَيْ وَعَدَمُ صِحَّةِ التَّأْكِيدِ بِزِيَادَةِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَاطِفُ كَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ ثُمَّ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ بِكُلِّ حَالٍ.

قَوْلُهُ: (بِمُبْهَمٍ) وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ، وَالشَّهَادَةُ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (يُحْبَسُ) وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِدُونِ حَبْسٍ نَحْوُ، لِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِزَيْدٍ، وَلِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحِسَابِ. وَمِنْهَا الْجَبْرُ وَالْمُقَابَلَةُ كَأَنْ يُقَالَ هُنَا يُفْرَضُ لِعَمْرٍو مِثْلُ مَا لِزَيْدٍ وَشَيْءٌ فَلِزَيْدٍ أَلْفٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَلِعَمْرٍو أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرُبْعُ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ أَلْفَانِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمُقِرِّ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُحْبَسْ، لَكِنْ تُوقَفُ التَّرِكَةُ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا لَكِنْ يُجْعَلُ الْوَارِثُ كَنَاكِلٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْوَارِثَ حَلَفَ الْوَارِثُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ تَعْيِينٌ وَلَا حَلِفٌ وَغَيْبَتُهُ كَنُكُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَادَّعَى بِهَا) أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهَا بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِالْمِائَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا ثَبَتَتْ بِاتِّفَاقِهَا. قَوْلُهُ: (لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ) وَادَّعَى بِهَا أَوْ بِأَنَّهُ أَرَادَهَا بِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ) وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا، وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى بِهَا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهَا لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ) وَإِنْ حَكَمَ بِكُلٍّ حَاكِمٌ وَكَتَبَ وَثِيقَةً أَوْ شَهِدَ بِكُلٍّ شَاهِدَانِ

قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَتَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَنْهُ لَيْسَ فِيهِ جَدْوَى فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَهُ إثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ، كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ قَضَيْته كَانَ لَغْوًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الْفَاصِلِ الْحَرْفُ الْعَاطِفُ بِدَلِيلِ لُزُومِ دِرْهَمَيْنِ فِي دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ، وَلَوْ أَرَادَ التَّأَكُّدَ فِيهِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّانِي عَلَى رَأْيٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُؤَكَّدَ الْأَوَّلُ بِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. وَقَوْلُهُ: بِالْيَقِينِ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَوْنُ الْأَصْلِ إعْمَالَ اللَّفْظِ عَارَضَهُ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فَتَسَاقَطَا فَلَمْ يَبْقَ لِلثَّالِثِ مُقْتَضٍ، فَاقْتَصَرَ عَلَى الْيَقِينِ انْتَهَى، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى مَا لَخَّصَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ) أَشَارَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ إلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ: بِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الشَّيْءِ، وَنَحْوُهُ لِصِدْقِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى الْحَبْسُ عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهِ إلَخْ) بَلْ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُهُ وَطَرِيقَةُ فَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا سَيَأْتِي، أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُقَرُّ لَهُ مِقْدَارًا وَيَدَّعِيَ بِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ: رَجَّحَ السُّبْكِيُّ سَمَاعَهَا، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ، وَفِيمَا لَوْ ادَّعَى بِالْإِقْرَارِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ، وَتُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَجْهُولُ شَيْئًا وَنَحْوَهُ لِشُمُولِهِ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَلَوْ غَابَ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْرًا وَادَّعَى بِهِ وَأَنَّهُ أَرَادَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُخْتَلِفَيْنِ) مُسْتَدْرَكٌ، وَلِذَا أَسْقَطَهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ بِدُونِهِ تُصَدَّقُ بِأَنْ يَقُولَ بِأَلْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>