للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مَكَان خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ مَوَاتٌ أَوْ مِلْكٌ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُسَمَّى الْمُسْتَخْرَجُ مَعْدِنًا أَيْضًا كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِلسِّكَّةِ إيَّاهُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَعْدِنِ لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ (وَفِي قَوْلِ الْخُمْسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) بِأَنْ احْتَاجَ إلَى الطَّحْنِ وَالْمُعَالَجَةِ بِالنَّارِ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ بِأَنْ اسْتَغْنَى عَنْهُمَا (فَخُمُسُهُ) كَمَا اخْتَلَفَ الْوَاجِبُ فِي الْمَسْقِيِّ بِالْمَطَرِ وَالْمَسْقِيِّ بِالنَّضْحِ (وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَا الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَب فِيهِمَا) وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَالْحَوْلُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ.

وَطَرِيقُ الْخِلَافِ فِي النِّصَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ وَفِي الْحَوْلِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْرَجُ (إلَى بَعْضٍ) فِي النِّصَابِ (إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الضَّمِّ (اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ تَفَرُّقُهُ وَالْقَدِيمُ إنْ طَالَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ لَا يُضَمُّ (وَإِذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِعُذْرٍ) ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (ضُمَّ) قَصُرَ الزَّمَانُ أَمْ طَالَ عُرْفًا. وَقِيلَ: الطَّوِيلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: يَوْمٌ كَامِلٌ وَمِنْ الْعُذْرِ إصْلَاحُ الْآلَاتِ وَهَرَبُ الْأُجَرَاءِ وَالسَّفَرُ وَالْمَرَضُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَطَعَ الْعَمَلَ بِغَيْرِ عُذْرٍ (فَلَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) طَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ لِإِعْرَاضِهِ (وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) فَإِذَا اسْتَخْرَجَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِآخِرِ الْحَوْلِ فَقَطْ لَا بِجَمِيعِهِ، وَأَخَّرَهَا عَنْ النَّقْدِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِ وَلِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ اسْتَخْرَجَ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَا مُكَاتَبٍ وَذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ، وَلِكُلٍّ أَخْذُهُ نَدْبًا وَمُنِعَ الذِّمِّيُّ مِنْهُ بِدَارِنَا، وَمَا أَخَذَهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَالْمُبَعَّضُ بَيْنَهُمَا أَوْ لِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا غَنِيمَةٌ لِأَخْذِهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ) فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَفَرُّقُهُ) أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَالْقَافِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ) أَيْ وَاتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالْمُخْرَجُ، وَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَّ، وَإِنْ تَقَارَبَ الْمَكَانُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الرِّكَازِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِإِعْرَاضِهِ) نَعَمْ يُتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ الِاسْتِرَاحَةُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ طَالَ لَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ قَصُرَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ

ــ

[حاشية عميرة]

[شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ قَوْلُهُ: (أَيْ مَكَانٌ إلَخْ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِقَامَةِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ. يُقَالُ: عَدَنَ يَعْدِنُ عُدُونًا أَقَامَ، وَمِنْهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ لِطُولِ الْإِقَامَةِ فِيهَا مِنْ اللَّهِ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ. وَمِنْهُ أَيْضًا عَدَنَ لِلْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ، لِأَنَّ تَبَعًا كَانَ يَحْبِسُ فِيهَا أَصْحَابَ الْجَرَائِمِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ مَعْدِنًا لِإِقَامَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَالرِّكَازُ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِأَنَّهُ رَكَزَ فِي الْمَكَانِ أَيْ غُرِزَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَكَزْت الرُّمْحَ. وَقِيلَ: لِخَفَائِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] أَيْ صَوْتًا خَفِيًّا، وَالتِّجَارَةُ تَقْلِيبُ الْمَالِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ رَجَاءَ الرِّبْحِ، وَالْأَصْلُ فِي زَكَاةِ الْمَعْدِنِ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ» ، وَهِيَ بِقَافٍ وَبَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ نَاحِيَةً مِنْ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ قَرْيَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قَرِيبَةٌ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ ذَاتُ نَخْلٍ وَزَرْعٍ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا اخْتَلَفَ إلَخْ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى مُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي الرَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنْ أَوْجَبْنَا رُبْعَ الْعُشْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّصَابِ، وَفِي الْحَوْلِ قَوْلَانِ: وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْخُمُسَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ، وَفِي النِّصَابِ قَوْلَانِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ) أَيْ فَوَجْهُ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْغَنِيمَةِ، بِجَامِعِ أَنَّهُ مَالُ الْخُمُسِ، وَقَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ، أَيْ فَوَجْهُ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ عُمُومُ أَدِلَّةِ الْحَوْلِ السَّابِقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنَالَ فِي الدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ نِصَابًا بَلْ مَا نَالَهُ بِدَفَعَاتٍ يُضَمُّ، لِأَنَّهُ هَكَذَا يُسْتَخْرَجُ فَأَشْبَهَ تَلَاحُقَ الثِّمَارِ، لَكِنَّ الضَّابِطَ فِي الثِّمَارِ أَنْ تَكُونَ ثِمَارَ عَامٍ، وَهَا هُنَا يُنْظَرُ بَدَلُهُ إلَى الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (لِإِعْرَاضِهِ) فَإِنَّ الْإِعْرَاضَ يُصَيِّرُ الثَّانِي مَالًا آخَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي إكْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>