نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً (وَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ الدَّرَاهِمَ فَخَرَجَ مَا أَخَذَهُ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِهِ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ الْجَاهِلُ بِهِ. (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ أَظْهَرُهُمَا لَا ثُمَّ الْمُفَارَقَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحِنْثُ هِيَ الْقَاطِعَةُ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ. .
(أَوْ) حَلَفَ (لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي، فَرَأَى) ذَلِكَ (وَتَمَكَّنَ) مِنْ الرَّفْعِ (فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ وَيُحْمَلْ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ فَإِنْ عُزِلَ) وَتَوَلَّى غَيْرُهُ. (فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ. (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ) أَيْ الْمُنْكَرَ (ثُمَّ عُزِلَ) الْقَاضِي (فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَتَرَكَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفَعَهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ. (فَكَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ حِنْثِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَا دَامَ قَاضِيًا (بَرَّ بِرَفْعِ النِّيَّةِ بَعْدَ عَزْلِهِ) وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِإِخْبَارِهِ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ. .
فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي تَعَقَّدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ (حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ أَوْ لَا يَضْرِبُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ) فَيَحْنَثُ. (أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لِغَيْرِهِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ أَوْ تُوفِيَنِي حَقِّي فَهِيَ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ وَهُوَ لَا يُبَالِي بِحَلِفِهِ أَوْ يُبَالِي وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ مُخْتَارٌ، وَلَوْ بِفِرَارٍ مِنْهُ حَنِثَ، فَإِنْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّبَاعَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ لَا نَفْتَرِقُ أَوْ لَا افْتَرَقْنَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَفِيهِمَا الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ أَرْدَأُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) وَإِنْ لَمْ يُتَسَامَحْ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ النَّقْصَ فِيهِ مَظْنُونٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَقْصَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (حِنْثُ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا لَا حِنْثَ عَلَيْهِ) لِجَهْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ) وَهِيَ الْمُفَارَقَةُ الْعُرْفِيَّةُ
قَوْلُهُ: (لَا رَأَى مُنْكَرًا) أَيْ فَاعِلَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَصَرِ لِمَنْ كَانَ حَالُ حَلِفِهِ بَصِيرًا وَإِلَّا فَعَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَالْمُرَادُ مُنْكَرًا فِي اعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَلَوْ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى مَاتَ) أَيْ الْحَالِفُ قَوْلُهُ: (عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا قَاضِي بَلَدِ الْحَلِفِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا قَاضِي بَلَدِ الْحَالِفِ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ قَاضِي بَلَدِ الْمُنْكَرِ، وَفِي شَرْحِهِ لِلْأَصْلِ تَفْصِيلٌ يُرَاجَعُ مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ اُعْتُبِرَ وَاحِدًا لَا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الْبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا إلَى نَائِبِهِ وَلَا إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَنَّ قَاضٍ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَالِفِ مَنْعُ فَاعِلِهِ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْقَاضِي فِي بَلَدٍ كَفَى الرَّفْعُ لِوَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَزَلَ) أَوْ مَاتَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ فِي مَحَلِّهَا قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ. قَوْلُهُ. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ عَيْنَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْقَضَاءِ فِيهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. قَوْلُهُ: (بِإِخْبَارِهِ) أَيْ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الرَّائِي أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَيَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ إخْبَارٍ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِرَفْعِ نَفْسِهِ إلَى الْقَاضِي فَلَوْ كَانَ هُوَ الْقَاضِيَ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِرَفْعِ نَفْسِهِ لِقَاضٍ غَيْرِهِ، وَعِلْمُ الْقَاضِي وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ كَالرَّفْعِ إلَّا فِي رَفْعِ نَفْسِهِ.
فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا
وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَجَازٌ مُتَعَارَفٌ، وَيُرِيدُهُ فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَوْ بِأَمْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَعَقَدَ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَتْ الصِّيغَةُ الصَّحِيحَةُ الْمُوجِدَةُ لِلْمِلْكِ، وَلَوْ مَعَ خِيَارٍ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ إلَّا إنْ أَرَادَهُ أَوْ كَانَ فِي الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْنَثُ) بِمَا ذُكِرَ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ وَلَا غَيْرِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْنَثُ) وَهَذَا يَشْمَلُ مَنْ وَكَّلَهُ فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ فِي الْخُرُوجِ ثُمَّ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ
ــ
[حاشية عميرة]
وَلَوْ جَعَلْنَا الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءً لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَلْ لِجِنْسِ قَاضِي الْبَلَدِ بِقَرِينَةِ كَوْنِ الْحَالِفِ مِنْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ وَبِقَصْدِ الْعَيْنِ.
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي]
فَصْلٌ حَلَفَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ) لَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَتَعَاطَى إلَّا بِالْأَمْرِ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ كَالِاحْتِجَامِ وَالْفَصْدِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَبِنَاءِ الدَّارِ حَنِثَ وَفِي الرَّوْضِ خِلَافُ هَذَا وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ بِنَاءَ الدَّارِ مِنْ الَّذِي لَا يَحْنَثُ بِهِ، وَحَكَى فِي حَلْقِ الرَّأْسِ طَرِيقِينَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَجَزَمَ بِالْحِنْثِ فِيهِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَحْنَثُ) لَوْ بِحَضْرَتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِحِنْثِ الزَّرْكَشِيّ اسْتِثْنَاءً مَا لَوْ وَكَّلَ قَبْلَ