للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إيلَامٌ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ. (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفِ شَعْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ضَرْبًا قِيلَ وَلَا لَطْمٍ وَوَكْزٍ) أَيْ دَفْعٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ أَوْ الْخَشَبَاتِ. (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ (بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ إنَّهُ لَا يَبَرُّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْعِثْكَالِ أَوْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ إلَّا مَرَّةً. .

(أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) مِنْك (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ وَالْحِنْثُ مَبْنِيٌّ عَلَى حِنْثِ الْمُكْرَهِ الْمَرْجُوحِ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْغَرِيمُ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ الْحَقِّ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِلْغَرِيمِ (ثُمَّ فَارَقَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَفْلَسَ) هُوَ أَيْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ. (فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ يُوسِرَ. (حَنِثَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَخِيرَةِ، وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ الْبَرُّ بِاخْتِيَارِهِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِبْقَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الرَّابِعَةِ بِالِاحْتِيَالِ وَقِيلَ لَا حِنْثَ فِيهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

فَخَرَجَ نَحْوُ وَضْعِ أُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ يَنْوِيَ قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَبِالسُّكُونِ لَحْنٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دَفْعٌ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ سَوَاءٌ بِظُهْرِ الْكَفِّ أَوْ بَطْنِهَا وَأَصْلُهُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مَطْبُوقَةً. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ اللَّطْمُ وَالْوَكْزُ قَوْلُهُ: (ضَرَبَ) فَيَبَرُّ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الرَّفْسُ وَاللَّكْمُ وَالصَّفْعُ وَالرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ.

فَرْعٌ: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبُولَ حَمْلٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا، حَمْلٌ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَأُجْبِرَنَّ مَدِينِي عَلَى التَّرْكِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَطْلِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) وَلَوْ بِانْكِبَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ تَمَسَّ الْبَدَنَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ السِّيَاط فَيَكْفِيهِ أَنْ يَشُدَّ مِائَةَ سَوْطٍ وَالْمِائَةُ فِي ذَلِكَ مِثَالُ فَلَوْ كَانَتْ خَمْسِينَ ضَرَبَ بِهَا مَرَّتَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ حَصَلَ الْبَرُّ. قَوْلُهُ: (مُخَرَّجٌ) أَيْ مِمَّا فِي الزِّنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِثْكَالُ حَالَةَ الشَّكِّ وَفَرَّقَ بِقُوَّةِ إرَادَةِ التَّنْكِيلِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً) فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمِائَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حَمَلَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْك) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْك كَفَى الِاسْتِيفَاءُ مِنْ وَكِيلِهِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا وَبِالْحَوَالَةِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَارَقَهُ لِنَحْوِ بَوْلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا وَاقِفَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ) فَهِيَ أَوْلَى لِعَدَمِ الْعَلِيَّةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ كَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا وَمَحَلُّ الْحِنْثِ مَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِالِاسْتِيفَاءِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْهُ. وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَسَتَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَخِيرَةُ) نَعَمْ إنْ فَارَقَهُ فِيهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ. قَوْلُهُ: (وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ) وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ إبْرَائِهِ وَاحْتِيَالُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحِنْثِ بِتَلَفِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ فَلَا يَحْنَثُ هُنَا إلَّا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهَا كَالْغَدِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْحِنْثِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) أَيْ لِصِدْقِ الِاسْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُؤْلِمْهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَا مِنْ الْأَلَمِ، فَلَوْ وَضَعَ الْأُنْمُلَةَ عَلَى جَسَدِهِ فَهُوَ مُتَلَاعِبٌ لَا ضَارِبٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) .

قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَدَّ يُوقَفُ عِنْدَهُ فِي هَذَا لَكِنْ يَرْجِعُ إلَى مَا يُسَمَّى شَدِيدًا وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى يَبُولَ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا حُمِلَ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا. اهـ.

قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَلَا يُقَالُ بِسُكُونِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إصَابَةَ الْكُلِّ) يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَبْسُطَهَا عَلَى الْحَصِيرِ ثُمَّ يَضْرِبُ، قَوْلُهُ: (فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) لِأَنَّ حَيْلُولَةَ الْبَعْضِ كَحَيْلُولَةِ الثِّيَابِ وَاعْتَرَضَ تَعْبِيرُهُ بِالْأَلَمِ بِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا سَلَفَ.

قَالَ بَعْضُهُمْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا ذَكَرَ الْعَدَدَ فِي حَلِفِهِ، كَانَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الْإِيلَامِ فَيُلْتَحَقُ بِقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثَقْلُ الْكُلِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) زَادَ الشَّارِحُ مِنْك وَبِاعْتِبَارِهَا لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْهُ وَبِدُونِهَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَدَّى عَنْهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ) مِثْلُهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَنَظِيرِهِ فِي انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، قَوْلُهُ: (لَا يَحْنَثُ) مِثْلَ ذَلِكَ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً) الصَّحِيحُ الْحِنْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>