للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ بَعْدَ الْمَالِ وَيَتَرَصَّدُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ. (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (حِينَئِذٍ وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) وَبِمِثْلِهِ أُجِيبُ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِمُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ كَحَمْلِ الْمِيزَانِ. .

(أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) اللَّهَ (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ، (أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَرَأْسٍ (فَلَا) حِنْثَ بِهِ (فِي الْجَدِيدِ) اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْقَدِيمِ الْحِنْثُ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ، وَفِي التَّنْزِيلِ لِلْقَدِيمِ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: ٥١] وَلِلْجَدِيدِ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] ، {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم: ٢٩] (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (أَوْ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لَصَدَقَ الِاسْمُ عَلَيْهِ (وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَا وَصَّى بِهِ) مِنْ مَالٍ (وَدَيْنٍ حَالٍّ وَكَذَا مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ كَالْمَعْدُومِ (لَا مُكَاتَبَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ فَالْبِرُّ) فِيهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْحَلِفِ مُخْتَارًا وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ (فِيهِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ) وَهُوَ حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ إتْلَافِهِ لَمْ يَحْنَثْ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ مَعَ أَوَّلِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ مَعَ رَأْسِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ رَأْسٍ تَعَيَّنَ مِنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقْضِ) وَعَلَيْهِ السَّفَرُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " نَعَمْ إنْ سَافَرَ الْحَالِفُ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ ". قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ وَلَيْسَ نِيَّةُ الْحَالِفِ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ حَقَّهُ عَنْ الشَّهْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَوْ بِمَا يُرَخِّصُ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَ نَحْوِ رِيحٍ كَرِيهٍ وَمِنْهُ الْإِعْسَارُ بِالدَّيْنِ. وَمِنْهُ الشَّكُّ فِي الْهِلَالِ وَمِنْهُ مَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِوَارِثِهِ لِإِسْنَادِ الْخِطَابِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُعَدَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مِنْ الْأَعْدَادِ لَا مِنْ الْعَدَدِ قَوْلُهُ: (حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَفْرُغْ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي قَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعْ الْقَضَاءَ لَمْ يَحْنَثْ وَمِثْلُ الشُّرُوعِ فِي الْعَدِّ الشُّرُوعُ فِي إحْضَارِ الْحَقِّ أَوْ إحْضَارِ نَحْوِ الْمِيزَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ أَوْ حُقْبٍ أَوْ أَحْقَابٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، حَنِثَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَهُنَا وَعْدٌ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ.

قَوْلُهُ: (فَسَبِّحْ إلَخْ) ضَابِطُهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمِنْهُ اعْتِبَارُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ قَرَأَ مِنْ التَّوْرَاةِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ تَبْدِيلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهِ إلَخْ) هُوَ اسْتِطْرَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ مَعَ قَصْدِهِ فِي السَّلَامِ مِنْهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَفِيهِ قُوَّةُ السَّمَاعِ، وَفَهْمُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَدَخَلَ مَا لَوْ كَلَّمَهُ نَائِمًا، وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ بَعِيدًا وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاجِهَتِهِ بِالْكَلَامِ أَيْضًا، فَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ نَحْوَ جِدَارٍ وَخَاطَبَ ذَلِكَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَصَدَ إفْهَامَهُ مُرَادَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ) . وَلَوْ أَخْرَسَ وَإِنَّمَا اعْتَدَّ بِهَا فِي نَحْوِ الْعُقُودِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى حَقِيقَتِهِ) أَيْ النَّحْوِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَفْظًا مُرَكَّبًا مُفِيدًا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ مِنْهَا اعْتِبَارَ الْخِطَابِ فِي الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُ: (وَالْقَدِيمُ الْحِنْثُ إلَخْ) وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى الْمَجَازِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا، وَالْآيَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ لَمْ يَقُلْ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَصْدُ قِرَاءَةٍ) وَلَوْ مَعَ التَّفَهُّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَهُّمَ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّابِطِ فَقَوْلُهُ أَفْهَمَهُ مَقْصُودُهُ بِمَعْنَى أَتَى بِمَا يَفْهَمُ بِهِ مَقْصُودَهُ.

فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ أَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ أَوْ أُكَمِّلُهُ أَوْ أُعَظِّمُهُ أَوْ أُجِلُّهُ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَك الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى أَوْ لَيَحْمَدَنَّهُ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ أَوْ بِأَجَلِّ الْمَحَامِدِ، أَوْ أَعْظَمِهَا أَوْ أَكْمَلِهَا كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُدَافِعُ نِقَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَفْضَلِ الصَّلَاةِ كَفَاهُ مَا فِي التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ) وَلَوْ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَقَالَ شَيْخُنَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَمَوِّلًا. قَوْلُهُ: (وَمَا وَصَّى بِهِ) وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَضَالٌّ وَمَسْرُوقٌ وَغَائِبٌ قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَدَيْنٌ) وَلَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَلَوْ نُجُومُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا عَلَى مَيْتٍ.

قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَيَحْنَثُ بِمَا عَلَى الْمُعْسِرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَرَدَ بِالْمُؤَجَّرِ. قَوْلُهُ: (لَا مُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَالْمُسْتَوْلَدَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ) وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا عَبْدَ لَهُ أَوْ لَا رَقِيقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ عَادَ إلَى الرِّقِّ بِتَعْجِيزٍ أَوْ نَحْوِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا مِلْكَ لَهُ حَنِثَ وَلَوْ بِنَحْوِ مَغْصُوبٍ وَآبِقٍ لَا بِنَجَسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ وَلَا بِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً. قَوْلُهُ: (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) أَيْ عُرْفًا

ــ

[حاشية عميرة]

يَتَكَلَّمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ضَابِطُ الْكَلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ بِلُغَتِهِ، وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِ مُحْتَجًّا بِقِصَّةِ عَائِشَةَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ خُرُوجِ عَائِشَةَ وَنَهْيِ أُمِّ سَلَمَةَ لَهَا. قَوْلُهُ: (أَفْهَمُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْحِنْثِ قَصَدَ الْإِفْهَامَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ الْمُخَاطَبُ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ قِرَاءَةَ) وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>