للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غَيْرِهِمَا قُلْت: أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِخْلَالِ كُلٍّ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْزِي فَاقِدُ يَدٍ وَلَا فَاقِدُ أَصَابِعِهَا، وَلَا فَاقِدُ أُصْبُعٍ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ الْوُسْطَى، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ فَاقِدُ خِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ الْأُخْرَى وَفَاقِدُ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ فَلَوْ فُقِدَتْ أَنَامِلُهُ الْعُلْيَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ أَجْزَأَ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ، وَلَا يُجْزِئُ الْجَنِينُ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ، لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ، وَقِيلَ إنْ انْفَصَلَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ الْإِجْزَاءُ (وَلَا) يُجْزِئُ (هَرِمٌ عَاجِزٌ) عَنْ الْعَمَلِ وَالْكَسْبِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَاجِزِ فَيُجْزِئُ (وَ) لَا (مَنْ أَكْثَرَ وَقْتِهِ مَجْنُونٌ) فِيهِ تَجَوُّزٌ بِالْإِسْنَادِ إلَى الزَّمَانِ، وَالْأَصْلُ وَلَا مَنْ هُوَ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مَجْنُونٌ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ فِي أَكْثَرِهَا عَاقِلٌ، فَيُجْزِئُ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِي الشِّقَّيْنِ وَمَنْ اسْتَوَى فِيهِ زَمَنُ جُنُونِهِ وَزَمَنُ إفَاقَتِهِ يُجْزِئُ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ كَصَاحِبِ السُّلِّ فَإِنَّهُ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَيُجْزِئُ (فَإِنْ بَرِئَ) مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ (بَانَ الْإِجْزَاءُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ (وَ) الثَّانِي (لَا) يُجْزِئُ، لِأَنَّ نِيَّةَ الْكَفَّارَةِ بِمَا يُظَنُّ عَدَمُ بُرْئِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَإِنْ مَاتَ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ لِتَبَيُّنِ خِلَافِ الْمَظْنُونِ وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهُ، وَمَوْتُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَرَضٍ آخَرَ.

وَلَا (يُجْزِئُ شِرَاءُ قَرِيبٍ) يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْأُصُولِ، أَوْ الْفُرُوعِ (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْكَفَّارَةِ (وَلَا) عِتْقُ (أُمِّ وَلَدٍ وَذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) عَنْ الْكَفَّارَةِ، لِأَنَّ عِتْقَهُمَا مُسْتَحَقٌّ بِالْإِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ فَيَقَعُ عَنْهُمَا دُونَ الْكَفَّارَةِ أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَيُجْزِئُ، عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِكَمَالِ رِقِّهِ (وَيُجْزِئُ مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ) يُنَجَّزُ عِتْقُهُمَا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ عَنْهَا لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا وَالْمُدَبَّرُ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ.

(فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ (جَعْلَ عِتْقِ الْمُعَلَّقِ كَفَّارَةً) عِنْدَ حُصُولِ الصِّفَةِ بِأَنْ يُعِيدَ التَّعْلِيقَ وَيَزِيدَ فِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ يَقُولَ: إنْ دَخَلْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي (لَمْ يَجُزْ) مَا أَرَادَهُ فَلَا يَعْتِقُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ حُصُولِ الصِّفَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ.

[تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ]

(وَلَهُ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ) كَأَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَيَعْتِقُ عَنْهَا بِالدُّخُولِ (وَ) لَهُ (إعْتَاقُ عَبْدَيْهِ عَنْ كَفَّارَتَيْهِ عَنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ (وَنِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ الْعِتْقُ كَذَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إعْتَاقِ الْعَبْدَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ بِمَا فَعَلَ.

ــ

[حاشية قليوبي]

صَنْعَةً وَفَاقِدِ أَسْنَانِهِ كُلِّهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ أُصْبُعٍ غَيْرِهِمَا) وَكَذَا مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (الْجَنِينُ) وَلَا مَنْ لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (عَاجِزٌ) قَيْدٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ وَقِيلَ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ.

قَوْلُهُ: (مَجْنُونٌ) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي أَكْثَرِهَا عَاقِلٌ) وَالْعِبْرَةُ بِأَوْقَاتِ الْعَمَلِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالنَّهَارِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَلَوْ كَانَ فِي أَوْقَاتِ الْإِفَاقَةِ خَلَلٌ لَوْ ضُمَّ إلَى غَيْرِ الْإِفَاقَةِ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يُجْزِئْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ بَرِئَ، أَوْ ظُنَّ بُرْؤُهُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (يُجْزِئُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (عَلَى ظَنٍّ) وَبِهَذَا فَارَقَ الْعَمَى كَمَا مَرَّ. وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَمَى وَأَبْصَرَ أَجْزَأَ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْجِنَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ.

فَرْعٌ: لَا يُجْزِئُ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَى الْأَمَامِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَيُجْزِئُ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ مَا لَمْ يُقْتَلْ.

تَنْبِيهٌ: الْأَعْشَى وَالْأَخْفَشُ وَهُمَا مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلًا فَقَطْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ كَسْبِهِمَا لَمْ يَكْفِ، وَإِلَّا كَفَى إعْتَاقُهُمَا وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) أَيْ لَمْ يَسْبِقْهَا تَعْلِيقٌ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي: ثُمَّ كَاتَبَهُ فَإِذَا دَخَلَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ عَتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَ الصِّفَاتِ فِي الْعَبْدِ يُكْتَفَى بِوُجُودِهَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَصِحُّ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ: إذَا أَسْلَمْت فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي، وَمُقْتَضَاهُ إجْزَاءُ تَعْلِيقِ عِتْقِ الْبَصِيرِ عَنْهَا، أَوْ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ، وَيُجْزِئُ، وَإِنْ عَمِيَ بَعْدَهُ، أَوْ مَرِضَ بِمَا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (فَيَقَعُ عَنْهَا) مُعَامَلَةً لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ قَوْلُهُ: (وَمُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ إلَخْ) وَمِنْهُ ذُو كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَيُجْزِئُ مَغْصُوبٌ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ وَحَامِلٌ وَيَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ، وَجَانٍ وَمَرْهُونٌ حَيْثُ نَفَذَ عِتْقُهُمَا لَا مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ وَمُؤَجَّرٌ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ صِيغَةُ الْمُكَفِّرِ، وَأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مُشَقَّصًا كَمَا فَعَلَ وَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ عَدَمُ

ــ

[حاشية عميرة]

الرُّبَاعِيِّ فَالْوَزْنُ فَعْلَلٌّ قَوْلُهُ (بِالْإِسْنَادِ) أَيْ إسْنَادِ مَجْنُونٍ إلَى أَكْثَرَ، قَوْلُهُ (وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) كَالْفَالِجِ فِي مَعْنَى هَذَا إعْتَاقُ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ، قَوْلُهُ: (غَيْرُ صَحِيحَةٍ) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَهُوَ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِأَنَّهُ مَرْجُوُّ الزَّوَالِ، وَالتَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ قَادِحٌ

قَوْلُهُ: (شِرَاءُ قَرِيبٍ) مِثْلُهُ مِلْكُهُ بِغَيْرِ الشِّرَاءِ كَالْهِبَةِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عِتْقَهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ نَظِيرَ مَا لَوْ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الطَّعَامُ فِي النَّفَقَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، قَوْلُهُ: (وَالْمُدَبَّرُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ خَاصٌّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>