للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ (إذَا جَنَى الْمَرْهُونُ) عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ (قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةِ (فَإِنْ اقْتَصَّ) وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ بِيعَ) الْمَرْهُونُ (لَهُ) أَيْ لِحَقِّهِ بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (بَطَلَ الرَّهْنُ) فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا (وَإِنْ جَنَى) الْمَرْهُونُ (عَلَى سَيِّدِهِ) بِالْقَتْلِ (فَاقْتُصَّ) بِضَمِّ التَّاءِ مِنْهُ (بَطَلَ) الرَّهْنُ (وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً (لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (فَيَبْقَى رَهْنًا) كَمَا كَانَ وَالثَّانِي يَثْبُتُ الْمَالُ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ الْقَتْلِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ

(وَإِنْ قَتَلَ) الْمَرْهُونُ (مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ) السَّيِّدُ (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) جَمِيعًا (وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ عَفَى عَلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ بِهِ عَنْ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ. (فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ وَقِيلَ يَصِيرُ) نَفْسُهُ (رَهْنًا)

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَمَا يَتْبَعُهُ

قَوْلُهُ: (جَنَى الْمَرْهُونُ) وَلَوْ مَغْصُوبًا أَوْ مُعَارًا بَعْدَ رَهْنِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) وَمِنْهُ الْمُرْتَهِنُ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنَايَةُ عَلَى حَقِّهِ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (بِالْقَتْلِ) هُوَ قَيْدٌ لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَغَيْرُ الْقَتْلِ يَبْطُلُ بِقَدْرِهِ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) نَعَمْ، لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، وَجَنَى بِأَمْرِ غَيْرِهِ، تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّةِ الْآمِرِ فَقَطْ، أَجْنَبِيًّا أَوْ سَيِّدًا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ رَهْنًا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي الْأَمْرِ فَيُبَاعُ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ؛ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ الرَّهْنُ) أَيْ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَرْشِ، وَلَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا وَإِلَّا فَالزَّائِدُ رَهْنٌ، بَلْ لَا يُبَاعُ مَا زَادَ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ، بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ رَهْنًا سَوَاءٌ اقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ بِيعَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ رَهْنًا) نَعَمْ، إنْ عَادَ بِفَسْخِ خِيَارٍ بِغَيْرٍ الْعَيْبِ بَقِيَ عَلَى الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ التَّاءِ) لَعَلَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَفَتْحُهَا صَحِيحٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ فَسَادَهُ، وَيَرْجِعُ ضَمِيرُهُ لِوَارِثِ السَّيِّدِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَيَسْتَغْنِي عَنْ لَفْظٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَفَى عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ حَالَ إعْسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهَا فَجِنَايَتُهَا عَلَيْهِ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعَفْوَ لَيْسَ قَيْدًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ وَهُوَ لَا إنْ وُجِدَ سَبَبُ مَالٍ، أَعَمَّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَفَى عَلَى مَالٍ، فَقَوْلُهُ فِيهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ مُتَعَيِّنٌ، خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ لَفْظِ غَيْرِ لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ وُجُودَ السَّبَبِ بِالْمَالِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، إذْ وُجُودُ سَبَبِ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا إنْ اقْتَصَّ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَقَدْ يُوجِبُ الْفَوْتَ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ جَنَى عَمْدًا، وَحَصَلَ عَفْوٌ أَوْ جَنَى غَيْرَ عَمْدٍ، أَوْ عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِ السَّيِّدِ أَوْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ بِمَوْتٍ أَوْ عَجْزٍ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ) فَالْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ، وَلِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَعَ شُمُولِهِ لَهُ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الرَّهْنِ، أَنَّهُ فِي جَمِيعِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلْمُنَاسَبَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ) أَيْ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَسْرِي الْقِصَاصُ وَيَسْتَغْرِقُ الْأَرْشُ الْقِيمَةَ.

قَوْلُهُ: (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ مَجَّانًا أَوْ بِلَا مَالٍ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْقَتِيلِ، وَبَقِيَ رَهْنُ الْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ بِهِ

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ]

فَصْلٌ: جَنَى الْمَرْهُونِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) فَلَوْ قُدِّمَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ لَضَاعَ حَقُّهُ، وَأَيْضًا إذَا قُدِّمَ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَعَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْلَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْمَالِ يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ هُنَا مُغْتَفِرٌ لِأَجْلِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ عَفَى عَلَى غَيْرِ مَالٍ صَحَّ بِلَا إشْكَالٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثَمَنُهُ رَهْنٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>