للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) يَصِحُّ لَهُ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِيَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ فِي الْأَصَحِّ

(وَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَتِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرٍ وَوَلَدٍ) وَبَيْضٍ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ كَسِمَنِ الْعَبْدِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ فَيَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهَا (فَلَوْ رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ بِيعَتْ) كَذَلِكَ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَكَأَنَّهُ رَهَنَهُمَا وَإِلَّا فَقَدْ رَهَنَهَا وَالْحَمْلُ مَحْضُ صِفَةٍ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِيعَ مَعَهَا فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَهُوَ رَهْنٌ، وَالثَّانِي لَا يُبَاعُ مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى بَيْعِهَا حَامِلًا وَتَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْأُمِّ وَالْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي يَقُولُ: تُبَاعُ حَامِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ.

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي الْكُلِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، بِقَوْلِهِ الْمُتْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْعَفْوُ مَجَّانًا كَالْقِصَاصِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَالٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ لَكِنْ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ كَانَ. كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا يَسْقُطُ الْمَالُ، وَيَبِيعُهُ السَّيِّدُ فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً لِمَانِعٍ كَأَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ) إلَّا إنْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (كَثَمَرٍ) فَلَا يَكُونُ مَرْهُونًا وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يُؤَبَّرْ فِي الْعُبَابِ إنَّ الطَّلْعَ غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ مِنْ الْمُتَّصِلَةِ، وَفِي الْخَطِيبِ إنْ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ كَذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمُعَلَّمٍ فَهِيَ مِنْ الْمُنْفَصِلَةِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْضٍ) وَلَوْ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ وَصُوفٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ وَلَبَنٍ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الرَّهْنِ، وَلَوْ رَهَنَ بَيْضَةً فَفَرَّخَتْ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَذَلِكَ، فَنَبَتَ فَالْفَرْخُ وَالنَّبَاتُ رَهْنٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْمُتَّصِلَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: يَسْرِي إلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ، كَوَلَدِ جَارِيَةٍ بِخِلَافِ ثَمَرَةٍ بِثَمَرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ غِلَظُهَا لَا طُولُهَا بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى السِّمَنِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا، وَعَلَى هَذَا فَطُولُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهَا سَنَابِلُ الزَّرْعِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَكَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّا إذَا قُلْنَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَمْلَ دَاخِلٌ مُطْلَقًا فَهُوَ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ حَيْثُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَإِلَّا فَلَا فَمَا قَالَهُ الْمَنْهَجُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ الْمُفْضِي إلَى التَّوْزِيعِ مَعَ التَّعَذُّرِ، كَمَا ذَكَرَهُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَيْعُهَا حَامِلًا أَوْ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْحَمْلِ حَقٌّ ثَالِثٌ بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَهَنَ نَخْلَةً فَأَطْلَعَتْ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ الثَّمَرَةِ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: نَصَّ فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ أَنْ تُبَاعَ الْحَامِلُ، وَيَكُونَ ثَمَنُهَا كُلُّهُ رَهْنًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ مَرْهُونًا بِغَيْرِ عَقْدٍ، مَعَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُقَالُ يَسْرِي إلَيْهِ الرَّهْنُ، كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ لَيْسَ مَرْهُونًا، وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ فَافْهَمْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَبَيَّنَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّ حَقَّهُ بَاقٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْوَثِيقَةِ سَقَطَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَسْرِي) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَلِمَالِكٍ فِي الْوَلَدِ لَنَا مَا سَلَفَ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الرَّهْنِ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الرَّهْنِ دُونَ حَالِ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ الْحَمْلُ رَهْنًا، حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ بِيعَ مَعَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَا دَامَ حَمْلًا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ كَالصِّفَةِ فَلَوْ وَلَدَتْ فَلَا يُبَاعُ بَلْ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ النَّظَرُ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ السَّابِقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>