للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ فُوِّضَ إلَيْهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ فُوِّضَ إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ.

(وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) النَّظَرُ. (وَنَصْبُ غَيْرِهِ) وَهَذَا حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ لَهُ.

(إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ) فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ.

(وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ) مُدَّةً بِأُجْرَةٍ (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) عَلَيْهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.

كِتَابُ الْهِبَةِ هِيَ شَامِلَةٌ لِلصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي. (التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) ذَاتُ أَنْوَاعٍ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهُ مَا دَامَ لَهُ قِيمَةٌ. فَرْعٌ حُرِّرَ الدِّرْهَمُ النُّقْرَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ فِي سِتَّةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَلْفِ، فَوُجِدَ أَنَّهُ قَدْرُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ مُعَامَلَةً ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ حَرَّرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ فَوَجَدَهُ يُسَاوِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) عَلَى مَا فِي الْوَصِيَّةِ لِاثْنَيْنِ. تَنْبِيهٌ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ دَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَمَتَى ثَبَتَ رُشْدُ وَاحِدٍ لَمْ يُنْتَقَلْ عَنْهُ بِرُشْدِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِرُشْدِ اثْنَيْنِ مَثَلًا اشْتَرَكَا حَيْثُ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ وَسَقَطَ الرُّشْدُ لِلتَّعَارُضِ فِيهِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَالْمُدَرِّسُ وَالْإِمَامُ وَالطَّلَبَةُ وَنَحْوُهُمْ، فَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِلنَّاظِرِ وَلَا لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَا يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ يَضُمَّن عَازِلُهُمْ بِهِ، وَيُطَالَبُ بِسَبَبِهِ إلَّا إنْ عُلِمَتْ صِيَانَتُهُ وَدِيَانَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَعِلْمُهُ. فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالْمُعِيدِ إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مَنْ يُعِيدُ لِلطَّلَبَةِ مَا قَرَأَهُ الْمُدَرِّسُ لِإِيضَاحٍ أَوْ تَفْهِيمٍ، وَيُنَزَّهُ مَحِلُّ التَّدْرِيسِ عَنْ تَفْرِقَةِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلطَّلَبَةِ، وَلَوْ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ بَقِيَ مَعَ مَنْ يَصْرِفُ لَا لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِمَعْرِفَةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُمْ.

قَوْلُهُ: (أَجَّرَ النَّاظِرُ) خَرَجَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ، فَلَهُ إجَارَةُ حِصَّتِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ظَهَرَ) أَيْ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ. فَرْعٌ لَوْ ضَاقَ الْوَقْفُ عَنْ مُسْتَحِقِّيهِ لَمْ يُقَدَّمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ إحْدَاثُ وَظِيفَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ قُرِّرَ فِيهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَعْلُومِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ وَظِيفَةٍ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَيَفْسُقُ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَيَنْعَزِلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَقْدِيمُ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْإِعْطَاءِ، وَلَوْ انْدَرَسَتْ مَقْبَرَةٌ مَوْقُوفَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَمْ يَجُزْ لِلنَّاظِرِ إجَارَتُهَا لِلزِّرَاعَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَصَدَ صَرْفَ أُجْرَتِهَا لِنَحْوِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ يَضُمَّنِّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَمِقْدَارِ حِصَصِهِمْ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ لَا بَيِّنَةَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَوَارِثُهُ، وَإِلَّا فَنَاظِرٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ لَوْ اخْتَلَفَا وَإِلَّا فَذُو الْيَدِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ لِلْكُلِّ قُسِمَ بَيْنَهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ نَاظِرِ الْحَاكِمِ وَنَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ مَا عَدَا الْعِمَارَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْهِبَةِ مِنْ هَبَّ بِمَعْنَى مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى، أَوْ بِمَعْنَى تَيَقَّظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْخَيْرِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ وَقَدْ تَخْرُجُ عَنْ النَّدْبِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (هِيَ إلَخْ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَهِيَ مُقَابِلَةٌ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (التَّمْلِيكُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَقْلُ الْيَدِ عَنْ اخْتِصَاصٍ فَيَصِحُّ وَلَا يُسَمَّى هِبَةً الْعَارِيَّةُ وَالضِّيَافَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ بِالِازْدِرَادِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَشَمِلَ التَّمْلِيكُ مَا يُهْدَى لِغَنِيٍّ مِنْ نَحْوِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ هَدْيٍ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (يَنْفَسِخُ) اقْتِضَاءُ هَذَا الِانْفِسَاخِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى فَسْخٍ. فَرْعٌ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ هَلْ يَجُوزُ الِاتِّجَارُ فِيهِ؟ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْجَوَازِ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلَا. خَاتِمَةٌ أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ تَرْمِيمَ الْوَقْفِ وَفِي رِيعِهِ كِفَايَةٌ، نَقَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِهِمْ مَنْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْطِيلِ غَرَضِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْأَجْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ.

[كِتَابُ الْهِبَةِ]

ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّمْلِيكُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الِاخْتِصَاصَاتِ لَا تَجْرِي فِيهَا الْهِبَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>