للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ. (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ قِيلَ لِلْوَاقِفِ وَقِيلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْقَاضِي، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ لِلْوَاقِفِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ الَّذِي يَقْتَضِي كَلَامُ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ الْفَتْوَى بِهِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ، فَالتَّوْلِيَةُ لِلْحَاكِمِ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ، يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ.

(وَشَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى التَّصَرُّفِ) هُوَ الْمُهِمُّ مِنْ الْكِفَايَةِ ذُكِرَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (وَوَظِيفَتُهُ الْعِمَارَةُ وَالْإِجَارَةُ وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحِفْظُ الْأُصُولِ وَالْغَلَّاتِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَكَأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ وَهَذَا إذَا أَطْلَقَ النَّظَرَ لَهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَائِدَةٌ أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ الْمَوْقُوفَةُ كَحُصْرِ الْمَسْجِدِ فِيمَا مَرَّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجِّ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

فَصْلٌ فِي النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَبُولُهُ كَالْوَكِيلِ اهـ. قَوْلُهُ: (اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ النَّظَرَ وَكَذَا فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْوَاقِفِ وَفِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ شَيْءٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، إلَّا إنْ قَرَضَ لَهُ الْحَاكِمُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ مَا قُرِّرَ لَهُ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْقَاضِي وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ ضِيَافَةً أَوْ حُلْوَانًا.

فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ وَمَنَعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ بَذَلَهُ دَافِعُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِلَا إكْرَاهٍ وَبِلَا خَوْفِ زَوَالِ الْوَقْفِ عَنْهُ، وَبِلَا نَقْصِ أُجْرَةِ وَقْفِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِهِمَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لِلْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ إجَارَتُهُ وَحِفْظُهُ وَنَحْوُهُمَا. وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفُ وَقِسْمَةُ الْغَلَّةِ وَنَحْوُهُمَا. كَمَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِعْلُ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) هُوَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ سَوَاءٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْ الْجِهَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ النَّاظِرِ) وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَشَمِلَ الْأَعْمَى وَالْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (الْعَدَالَةُ) أَيْ الْبَاطِنَةُ فَلَا يَصِحُّ لِذِمِّيٍّ وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُهِمُّ إلَخْ) أَيْ فَذِكْرُهُ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَحِكْمَتُهُ مَا ذَكَرَهُ، وَلَوْ زَالَتْ الْأَهْلِيَّةُ انْتَقَلَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ لَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ عَادَتْ الْأَهْلِيَّةُ عَادَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ إنْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ بِالنَّصِّ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا وَثُبُوتُ أَهْلِيَّتِهِ فِي مَكَان مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ يَسْرِي عَلَى بَقِيَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْكِفَايَةُ إنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْبَقِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا فِي الْجَمِيعِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ النَّاظِرَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَا يَنْعَزِلُ وَلَوْ بِعَزْلِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ وَأَنَّ عُرُوضَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبٌ لِوِلَايَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِسْمَتُهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا) وَيُرَاعِي زَمَنًا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَخْذُ مَعْلُومٍ قَبْلَ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَلَهُ جَعْلُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ حَيْثُ الْوِلَايَةُ لَا الِاسْتِحْقَاقُ لِيَأْخُذَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْهُ قَدْرَ مَعْلُومِهِ فِي وَقْتِهِ مِنْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْجَابِي وَلَا لِلْعَامِلِ وَلَا غَيْرِهِمَا، إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُمْ نُوَّابُهُ فِيهِ وَلَهُ التَّوْلِيَةُ وَالْعَزْلُ وَتَنْزِيلُ الطَّلَبَةِ وَتَقْدِيرُ جَوَامِكِهِمْ لَا لِمُدَرِّسٍ بِلَا نَظَرٍ، وَلَوْ جَهِلَ النَّاظِرُ مَرَاتِبَ الطَّلَبَةِ نَزَّلَهُمْ الْمُدَرِّسُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْوَقْفِ، كَمَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَهُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْوَقْفِ وَلَوْ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ.

إنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ أَذِنَ فِيهِ الْحَاكِمُ وَتَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْوَظَائِفِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَلَا يَسْتَنِيبُ إلَّا مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ. وَأُجْرَةُ النَّائِبِ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهُ لَا عَلَى الْوَقْفِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِهَا فِي الثَّانِي. فَرْعٌ يُرَاعَى فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، فَلَا يَجُوزُ النُّزُولُ عَنْهَا لِمَنْ لَيْسَ فِيهِ شَرْطُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِيهَا وَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَرَّرَ فِي وَظِيفَتِهِ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنَّ فِي الْجِهَةِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمُعَيَّنِ يَكُونُ الْحُكْمُ نَظِيرَ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ أَوْجُهِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَظِيفَتُهُ إلَخْ) وَلَوْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَقِسْمَتُهَا) وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ وَالْعَزْلُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُقَرِّرُ الْفُقَهَاءَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلنَّاظِرِ. وَنَازَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ لَهُ الْقِسْمَةَ فَلَهُ التَّعْيِينُ. فَرْعٌ مَنْ عُيِّنَ لِاسْتِحْقَاقٍ لَا يَجُوزُ عَزْلُهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْأَجْنَادِ الْمُرَتَّبِينَ فِي الدِّيوَانِ وَهَذَا أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>