للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ التِّجَارَةُ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَفِي زَكَاتِهَا مَا رَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ وَقَالَ: هُمَا صَحِيحَانِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» . وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالزَّايِ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ. وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ» . (شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ) كَغَيْرِهَا (مُعْتَبَرًا) أَيْ النِّصَابُ (بِآخِرِ الْحَوْلِ. وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطِهِ. (وَ) فِي (قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالنَّقْدِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْقِيمَةِ وَيَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي يُضَمُّ إلَيْهِ وَقْتُ الِانْعِقَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَوْجَهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوصٌ وَالْآخَرَانِ مُخَرَّجَانِ وَالْمُخَرَّجُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً وَبِالْقَوْلِ أُخْرَى (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِآخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رَدَّ) مَالَ التِّجَارَةِ (إلَى النَّقْدِ) بِأَنْ بِيعَ بِهِ (فِي خِلَالِ الْحَوْلِ وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا مِنْ) حِينِ (شِرَائِهَا) وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ التِّجَارَةِ وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُ زَكَاتِهَا لِقَوْلِ الْقَدِيمِ بِعَدَمِهَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَقْلِيبُ الْمَالِ إلَخْ) مِنْهُ صِبَاغُ الثِّيَابِ وَدِبَاغُ أَوْ دَهْنٌ لِلْجُلُودِ، لَا صَابُونٌ لِغَسْلٍ وَمِلْحٌ لِعَجِينٍ لِهَلَاكِ عَيْنِهِ وَفَارَقَ الدِّبَاغَ بِأَنَّهُ يَنْقُلُ الْجِلْدَ مِنْ طَبْعٍ إلَى طَبْعٍ فَكَأَنَّهُ بَاقٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الثِّيَابِ) أَيْ وَعَلَى السِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الثَّانِي لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ الْأَوَّلَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَوَرَدَ) أَيْ نَضَّ جَمِيعُهُ لَا بَعْضُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا إلَخْ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ زَكَاة التِّجَارَةُ]

فَصْلُ شَرْطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ قَوْلُهُ: (تُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ) وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى السِّلَاحِ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِمَا فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ التِّجَارَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ٢٦٧] وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ مَالٌ يُبْتَغَى مِنْهُ النَّمَاءُ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْمَوَاشِي، لَكِنْ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا فِيهَا، لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا قَدِيمًا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِآخِرِ الْحَوْلِ) الْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ، فَإِنَّ مُرَاعَاةَ الْحَوْلِ فِي الْعَيْنِ لَا تَعْسُرُ. قَوْلُهُ: (وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ) أَيْ وَكَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النِّصَابِ فِي غَيْرِهَا تُعْتَبَرُ آخِرَ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْأَوْجَهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ. قَوْلُهُ: (لَوَرَدَ مَالُ التِّجَارَةِ) الْمُرَادُ نَضَّ جَمِيعُهُ نَاقِصًا مِنْ جِنْسِ مَا يَقُومُ بِهِ، أَمَّا لَوْ نَضَّ الْبَعْضُ فَقَطْ فَحَوْلُ التِّجَارَةِ بَاقٍ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّ الْعَرْضُ جِدًّا، لِأَنَّ الرِّبْحَ كَامِنٌ فِيهِ، وَنَقْصُ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يَتَحَقَّقْ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِآخِرِ الْحَوْلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَضَّ جَمِيعُهُ نَاقِصًا، وَهَذَا مُرَادُهُمْ قَطْعًا، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَا إنْ نَضَّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا إلَخْ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ التُّجَّارَ بِحَوَانِيتِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَنَحْوِهِمْ، إذَا نَضَّ مِنْ عُرُوضِهِمْ الْبَعْضُ نَاقِصًا، فَحَوْلُ التِّجَارَةِ بَاقٍ فِيهِ نَظَرًا لِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ، وَإِنْ قُلْت فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ، لَكِنْ إذَا اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَنَقَدَ فِيهِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ ذَلِكَ النَّضُّ ابْتَدَأَ الْحَوْلُ الْآنَ، فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مَالُ التِّجَارَةِ.

قَوْلُهُ: (لِلْأَظْهَرِ وَغَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصُّورَةَ الْأَصْلِيَّةَ لِجَرَيَانِ الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلَيْهِ هِيَ حَالَةُ التَّرَبُّصِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا صُورَةُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ، فَعَلَى الْأَظْهَرِ وَالصُّورَتَانِ اللَّتَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّهَا فُرُوعٌ عَنْ صُورَةِ مَحَلِّ الْأَقْوَالِ، وَلَمْ يَحْكِ الْأَصْحَابُ الْأَقْوَالَ السَّابِقَةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا قَضَوْا فِيهَا بِوَجْهَيْنِ مُتَفَرِّعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَصَحُّهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الِانْقِطَاعُ، وَفِي مَسْأَلَتَيْ الشَّرْحِ عَدَمُ الِانْقِطَاعِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>