للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَادَلَهُ بِسِلْعَةٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ حَتَّى تَمَّ الْحَوْلُ فَهَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْأَظْهَرِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَا يَقُومُ بِهِ آخِرُ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ بِالسِّلْعَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضًا

(وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ دُونَ النِّصَابِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ لَهُ زَكَاةٌ وَالثَّانِي لَا بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ زَكَّاهُمَا آخِرَهُ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِخَمْسِينَ مِنْهَا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ (وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِعَرْضٍ أَمْ نَقْدٍ أَمْ دَيْنٍ حَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِعَرْضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَهُمَا مَالُ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُعَاوَضَةُ بِهِمَا لَيْسَتْ مَحْضَةً (لَا بِالْهِبَةِ) الْمَحْضَةِ (وَالِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) كَأَنْ بَاعَ عَرْضَ قِنْيَةٍ بِمَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ عَرْضَهُ فَالْمَكْسُوبُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ نَحْوُهُ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ، وَرَدُّ الْعَرْضِ بِعَيْبٍ لَا يُصَيِّرُ مَالَ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَالْهِبَةُ بِثَوَابٍ كَالشِّرَاءِ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْكَسْبِ بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَقَالَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَرْجَحِ. قَوْلُهُ: (بِسِلْعَةٍ) قَيَّدَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ بِمَا قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ، وَلَعَلَّهُ لِذِكْرِ الْخِلَافِ لِأَنَّهَا إذَا سَاوَتْ النِّصَابَ لَمْ يَنْقَطِعْ قَطْعًا، لِأَنَّ قِيمَتَهَا قَدْرُ النِّصَابِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ) أَيْ بِمَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوَّلًا قَبْلَ نَضُوضِهِ لَا بِمَا نَضَّ وَلَا بِمَا اشْتَرَاهُ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي) وَكَذَا عَلَى الثَّالِثِ بِالْأَوْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. وَلَا يَأْتِي عَلَى الثَّالِثِ نَظَرُ الْمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَلِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّارِحِ فَإِنَّ صُورَتَهُمَا أَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي تُبَدَّلُ بِهِ قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ. وَكَذَا النَّقْدُ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُفِيدُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي يَقْطَعُ الْحَوْلَ عَلَى الْأَوَّلِ يَقْطَعُهُ عَلَى الثَّانِي، وَالثَّالِثِ بِالْأَوْلَى وَلَا عَكْسَ لُزُومًا، فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (لِلْقِنْيَةِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَوْ مُبْهَمًا وَبَعْضُهُ نَقْدٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَشَمِلَ مَا لَوْ نَوَاهَا لِاسْتِعْمَالِ مُحَرَّمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْعَوَامِلِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِمُعَاوَضَةٍ) وَمِنْهَا عُرُوضٌ أُخِذَتْ بَدَلَ فَرْضٍ وَكَذَا كُلُّ عَرْضٍ أَخَذَهُ بَدَلَ دَيْنٍ لَهُ أَوْ عَرْضٍ أَخَذَهُ بَدَلَ أُجْرَةٍ فِي إجَارَةٍ وَلَوْ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لَا بِالْهِبَةِ) وَلَا بِالْقَرْضِ لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَرَدَ بَدَلَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) وَكَذَا الْإِقَالَةُ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (عَرْضَ قِنْيَةٍ) خَرَجَ عَرْضُ التِّجَارَةِ فَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْإِرْثِ) إنْ نَوَى الْوَارِثُ لِانْقِطَاعِ نِيَّةِ الْمُوَرِّثِ بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْكَسْبِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْعَقْدِ. قَالَ شَيْخُنَا وَعَنْ الْمَجْلِسِ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالْفَرْقِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ بِفِضَّةٍ وَنَقَدَ عَنْهَا فِي الْمَجْلِسِ ذَهَبًا أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمَا

ــ

[حاشية عميرة]

يَصِحُّ تَفْرِيعُ الْوَجْهَيْنِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ دُونَ نِصَابٍ. قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ وَلَا يَأْتِي عَلَى الثَّالِثِ نَظَرًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ، وَلِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّرْحِ، فَإِنَّ صُورَتَهُمَا أَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي تُبْدَلُ بِهَا قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ، وَكَذَا النَّقْدُ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَأَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ السُّؤَالَ عَلَى الْغَزَالِيِّ غَافِلًا عَنْ هَذِهِ الدَّقِيقَةِ، وَكَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ فَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ إسْنَوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ) أَيْ وَابْتِدَاءُ حَوْلِ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْعَرْضِ، هَذَا مُرَادُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْخَمْسِينَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ أَيْضًا، وَلَكِنْ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَكِنْ اُنْظُرْ لِمَاذَا لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُرَادُهُ، وَيَكُونُ الشَّرْطُ لِزَكَاةِ الْخَمْسِينَ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالِكَ بِالْمُعَاوَضَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ خَلَا عَنْهَا الْعَقْدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْمَهْرُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ الْأَعْيَانَ وَيُؤَجِّرُهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاسْتِرْدَادُ بِعَيْبٍ) عُلِّلَ بِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُعَاوَضَةِ عُرْفًا بَلْ هُوَ نَقْضٌ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>