للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ أَسْفَلُهُ (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَكَاتَهُ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَهُوَ مَعْنَى الذَّبْحِ وَذَالُهُمَا مُعْجَمَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَبِعَقْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (مُزْهِقٍ) لِلرُّوحِ (حَيْثُ) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (كَانَ) ذَكَاتُهُ.

(وَشَرْطُ ذَابِحٍ) وَعَاقِرٍ (وَصَائِدٍ) لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ وَمَعْقُورُهُ وَمَصِيدُهُ (حِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الذَّبْحِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَجُوسِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ) قَاتِلٍ كَأَنْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ (حَرُمَ) الْمَذْبُوحُ وَالْمُصْطَادُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ

(وَلَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَوْ انْعَكَسَ) مَا ذُكِرَ (أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَقْذِفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامٍ وَإِهْمَالٍ أَيْ لَمْ يَقْتُلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ وَمَسْأَلَةُ الْجَهْلِ مَزِيدَةٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَدَلُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا قَتَلَهُ فَحَرَامٌ.

(وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ مَجْنُونٌ وَسَكْرَانٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ لِفَسَادِ قَصْدِهِمْ

(وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ الْمَذْبَحَ (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَالثَّانِي يَحِلُّ كَذَبْحِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِآلَةِ ذَبْحِهَا كَسِكِّينٍ وَسَهْمٍ وَكَلْبٍ وَجَارِحَةٍ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِمْ وَإِفْرَادُ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصِيدِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَفِعْلٍ وَآلَةٍ فَهِيَ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ، قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ) هُوَ لُغَةً التَّطْهِيرُ وَالتَّطْيِيبُ وَالتَّحْلِيلُ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ وَالْمُرَادُ الذَّكَاةُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْآلَةِ، أَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ فَلَا يُرَدُّ الْجَنِينُ، قَوْلُهُ: (الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا) دَفْعُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذُكِرَ، بِأَنَّ مَعْنَى الذَّكَاةِ وَالذَّبْحِ وَاحِدٌ، وَقَدْ يُدْفَعُ ذَلِكَ بِتَقْيِيدِ الذَّبْحِ بِكَوْنِهِ فِي الْحَلْقِ أَوْ اللَّبَّةِ وَالْمُقَيَّدُ غَيْرُ الْمُطْلَقِ، وَحِكْمَةُ الذَّبْحِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِ، قَوْلُهُ: (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَالَةَ إصَابَةِ الْآلَةِ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا قَبْلَهَا فَلَوْ رَمَى سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ يَعْدُو فَوَقَعَ فِي حُفْرَةٍ مَثَلًا وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ مَذْبَحِهِ لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ عَكْسَ ذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ، وَفَارَقَ حِلَّ الْمُنَاكَحَةِ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْقُدْرَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، قَوْلُهُ: (يُقْطَعُ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَكُونُ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، قَوْلُهُ: (فِي أَيِّ مَوْضِعٍ) لَعَلَّهُ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ الزُّهُوقُ لَا نَحْوُ حَافِرٍ وَخُفٍّ. .

قَوْلُهُ: (حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) مِنْ أَوَّلِ إجْرَاءِ الْفِعْلِ وَلَوْ بِإِرْسَالِ جَارِحَةٍ إلَى الزُّهُوقِ فَلَوْ تَخَلَّلَ أَوْ اقْتَرَنَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُرَادُ حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فِي ذَاتِ الْمَنْكُوحِ فَلَا يَرُدُّ الْحُرْمَةَ لِعَارِضٍ خَاصٍّ كَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُلَاعَنَةِ وَالْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِأَهْلِ مِلَّتِهِ لِتَدْخُلَ الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ مُعْتَرَضٌ بِدُخُولِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ فَرْقٌ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ) وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا فِيمَا لَوْ وَقَعَ الْفِعْلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَلَوْ أَكْرَهَ الْمَجُوسِيُّ مُسْلِمًا أَوْ الْمُحْرِمُ حَلَالًا عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الذَّبْحِ كَانَ حَلَالًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَانْظُرْ حُكْمَ عَكْسِهِ، قَوْلُهُ: (حَرُمَ) وَيَضْمَنُهُ الْمَجُوسِيُّ إنْ أَزْمَنَهُ الْمُسْلِمُ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا لِلْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ كَذَا قِيلَ: وَالْوَجْهُ تَسَاوِيهِمَا لِقَوْلِ الشَّارِحِ ذَلِكَ. فَذِكْرُهُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ اسْتِشْهَادٌ لِكَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) هُوَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ إلَى فَاعِلِهِ وَرَمْيُهُ وَإِرْسَالُهُ جَارِحَةً كَذَبْحِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْأَخْرَسُ وَالْأَقْلَفُ وَالْمُكْرَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُمَيِّزٍ قَبْلَهُ فَهُوَ فِي الصَّبِيِّ وَيَدُلُّ لَهُ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَرُجُوعُ الْخِلَافِ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَا لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَقِيلَ: عَطْفٌ عَلَى صَبِيٍّ فَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ خَاصٌّ بَعْدَ عَامٍّ، وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ نَحْوُ النَّائِمِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَفْظٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ، كَذَا، وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانٍ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُمَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُمْ) أَيْ حَالَةُ الْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَبْحِ مَنْ صَارَ كَالْخَشَبَةِ الْمُلْقَاةِ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَسْوَأُ مِنْ النَّائِمِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ رُبَّمَا يُنَافِيهِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الصَّيْدَ فَلَا يُمْكِنُ قَصْدُهُ

ــ

[حاشية عميرة]

لَحْمُهُ لَوْنًا وَطَعْمًا، قَوْلُهُ: (بِذَبْحِهِ إلَخْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَسْرَعُ إلَى خُرُوجِ الرُّوحِ وَأَخَفُّ، ثُمَّ مُرَادُهُ بِالذَّبْحِ هُنَا مُطْلَقُ الْقَطْعِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ مِنْ نَحْرِ إبِلٍ وَذَبْحِ بَقَرٍ وَغَنَمٍ، قَوْلُهُ: (فَبِعَقْرٍ) أَيْ وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى عَقْرُ الْكَلْبِ لِلتَّرَدِّي كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ ذَكَاتُهُ

[شُرُوطُ الذَّابِحِ وَالْعَاقِرِ وَالصَّائِدِ]

قَوْلُهُ: (حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ يَرَى عَدَمَ حِلِّ ذَلِكَ الْمَذْبُوحِ كَالْإِبِلِ خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ: نِكَاحُنَا لَهُ بَدَلَ صِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَلَوْ أُكْرِهَ الشَّخْصُ عَلَى الذَّبْحِ. صَحَّ وَحَلَّ أَكْلُهُ.

قَوْلُهُ: (أُوتُوا الْكِتَابَ) الْمُرَادُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْمَجُوسِ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ

قَوْلُهُ: (قَاتِلٍ) خَرَجَ الِاشْتِرَاكُ فِي مُجَرَّدِ الِاصْطِيَادِ أَيْ الِاصْطِيَادُ غَيْرُ الْقَاتِلِ

قَوْلُهُ: (صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَبْحُهُ وَكَذَا ذَبْحُ الْحَائِضِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ) أَيْ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبَ بِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>