للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَطَلَ الْعَقْدُ. وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ، فَفِي الْيَوْمِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَ الْعَقْدُ نِصْفَ النَّهَارِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ شَرْطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ. وَلَيْسَ لِلشَّارِطِ خِيَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ: يَجُوزُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلْحَاقُ الْأَجَلِ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَزِيَادَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَنَقْصِهِ إلَّا فِي رِبَوِيٍّ بِيعَ بِجِنْسِهِ فَيَبْطُلُ فِيهِ.

وَلَوْ حَطَّ فِيهِ جَمِيعَ الثَّمَنِ بَطَلَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ، لَا فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ انْتَقَلَ مَا بَقِيَ مِنْهُ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا حُسِبَ لَهُ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِ خَبَرِهِ وَلَا يَحْسَبُ مِنْهُ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ جَمَاعَةً لَمْ يُحْسَبْ مَا بَقِيَ إلَّا مِنْ بُلُوغِ آخِرِهِمْ، وَأَنَّهُ لَوْ فُسِخَ مِنْ قِبَلِهِ نَفَذَ فَسْخُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ حُسْبَانِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ الْمُدَّةِ لَا نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهِ عَنْهُمْ.

قِيلَ: وَفِي هَذَا قَدْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (التَّخَايُرُ) فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ شُرِطَتْ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَدِ إلَخْ) هُمْ مُحْتَرَزُ مُتَّصِلَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْعَقْدِ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الشَّرْطِ. قَوْلُهُ: (إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ فَلَا يُنَافِي دَوَامَ جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْلِسُ لَوْ دَامَا فِيهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ تَخَايُرٌ أَوْ تَفَرَّقَ عَقِبَ الشَّرْطِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا شَرْطُ تَوَالِي الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَذَا الْمِثَالِ فَتَبْطُلُ فِيمَا لَوْ شَرَطَا مُدَّةً مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ اتَّصَلَ أَوَّلُهَا بِالشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ) لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ لَهُمَا لَا أَنَّهُ مَنْفِيٌّ خِيَارُهُ عَمَّنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِي مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَيْسَ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) هُوَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّيَالِي دَاخِلَةً فِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ الْفَجْرِ الْخِيَارَ يَوْمًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهِ، أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ، أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ شَرَطَ دُخُولَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَفَارَقَ دُخُولَهَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ بِالنَّصِّ عَلَى اللَّيَالِي فِيهِ. قَوْلُهُ: (الْمُتَّصِلُ بِذَلِكَ اللَّيْلِ) وَيَدْخُلُ بَقِيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ بَالِغًا وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ هُوَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ وَالْمُرَادُ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ إيقَاعُ أَثَرِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ شَرْطِهِ لِمُحْرِمٍ فِي شِرَاءِ صَيْدٍ وَلِكَافِرٍ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا نَفْسُ الْخِيَارِ فَهُوَ لِلشَّارِطِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ ثَمَرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا بِجَعْلِهَا لِغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ صَرِيحًا أُمُورٌ مِنْهَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَمِنْهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ كَانَ بَائِعُ الصَّيْدِ مُحْرِمًا أَوْ بَائِعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا لَمْ يَجُزْ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهَا عَدَمُ إرْثِ الْخِيَارِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ مَاتَ أَوْ نَقَلَهُ لِوَلِيِّهِ لَوْ جُنَّ مَثَلًا. وَمِنْهَا مِلْكُ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ لِشَارِطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ خِيَارٌ أَيْ إيقَاعُ أَثَرٍ كَمَا عُلِمَ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ أَوْ تَوْكِيلُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الصَّيْدِ وَالْعَبْدِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إيقَاعُ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ مَا يَأْتِي عَنْ الْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (لِوَاحِدٍ) أَوْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ رَدُّ ذَلِكَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ وَلَا بِقَوْلِ الشَّارِطِ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَلَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ لِلشَّارِطِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَعُودُ الْأَثَرُ لِشَارِطِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ بِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَإِذَا انْتَقَلَتْ لَا تَعُودُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ مُدَّةَ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية عميرة]

وَالشَّرْطُ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأُولَى) أَيْ أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا إشْكَالَ فِي كَوْنِهَا مِنْ وَقْتِ التَّفَرُّقِ. قَوْلُهُ: (وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ وَقْتَ الْفَجْرِ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ. قَوْلُهُ: (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهَا، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ.

قَوْلُهُ: (الْأَجْنَبِيُّ) يُسْتَثْنَى الْوَكِيلُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ.

[تَتِمَّةٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا]

قَوْلُ الْمَتْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>