للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ وَالثَّانِي إلَى الْمَعْنَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْأُجْرَةِ فِي ذَلِكَ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَطُ مِنْ الرِّبْحِ. (مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ) كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ. (فَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُك. (عَلَى أَنَّ لَك فِيهِ شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا فَسَدَ) الْقِرَاضُ (أَوْ) أَنَّهُ (بَيْنَنَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ نِصْفَيْنِ) لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الْمُنَاصَفَةِ فَلَا يَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا (وَلَوْ قَالَ لِي النِّصْفُ فَسَدَ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَكُون النِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَامِلِ. (وَإِنْ قَالَ لَك النِّصْفُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ الْمَالِ، فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ، لِلْعَامِلِ، وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ فِي الْأُولَى شَيْءٌ مِنْهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا لِلْمَالِكِ كَالْعَامِلِ. (وَلَوْ) (شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا) أَيًّا كَانَ (عَشَرَةُ) مِنْ الرِّبْحِ، وَالْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُمَا (أَوْ رِبْحُ صِنْفٍ) (فَسَدَ) ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ قَدْ يَنْحَصِرُ فِي الْعَشَرَةِ، أَوْ فِي ذَلِكَ الصَّفِّ فَيَفُوتُ عَلَى الْآخَرِ الرِّبْحُ.

فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ

كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ (وَقِيلَ: يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا، وَاتَّجِرْ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ، فَأَخَذُوا مِنْ الْإِيجَابِ ضَارَبْتُك وَعَامَلْتُك

(وَشَرْطُهُمَا كَوَكِيلٍ وَمُتَوَكِّلٍ) أَيْ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ وَالْمَالِكُ كَالْمُوَكِّلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَفِيهًا وَيَجُوزُ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ أَنْ يُقَارِضَ بِمَالِهِمَا.

(وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لِيُشَارِكَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَارَضَ الْمَالِكُ اثْنَيْنِ ابْتِدَاءً وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَعْقِدَ الْمَالِكُ، وَالْعَامِلُ فَلَا، يَعْدِلُ إلَى أَنْ يَعْقِدَهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْقِرَاضِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَأَنْ قَالَ خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ كُلُّهُ لِي فَإِبْضَاعٌ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَبْضَعْتُكَ فَإِنْ قَالَ وَنِصْفُ الرِّبْحِ لَك فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ اتَّجِرْ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِنَفْسِك كَانَ هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ.

قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ) وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى حِسَابٍ، كَأَنْ يَقُولَ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِي وَثُلُثُ بَاقِيه لَك، فَالْمُخْرَجُ تِسْعَةٌ لِلْعَامِلِ مِنْهَا اثْنَانِ وَالْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَنَا) فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَفْظًا غَيْرَ الْمُنَاصَفَةِ فَسَدَ كَقَوْلِهِمَا بَيْنَنَا أَثْلَاثًا مَثَلًا. لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ فَإِنْ عَيَّنَا مَنْ لَهُ أَحَدُهُمَا فَصَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمَالِكُ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَامِلُ لِي النِّصْفُ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُمَا) لَيْسَ قَيْدًا وَلَعَلَّ إسْقَاطَ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ الْمُحَرَّرِ لِذَلِكَ فَلَا فَرْقَ فِي الْفَسَادِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا أَوْ لَك أَوْلَى أَوْ يَسْكُتَ عَنْهُ.

فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ

وَبَقِيَّةُ أَرْكَانِهِ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (إيجَابٌ وَقَبُولٌ) وَمِنْهُ ذِكْرُ الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَسَدَ الْعَقْدُ، فَالْمُرَادُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ فِي الصِّيغَةِ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ فِيهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُنَافِي الرُّكْنِيَّةَ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِرَاضِ) لَمْ يَقُلْ لِلْقِرَاضِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خُذْ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وَلَا يَصِحُّ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِهَا قَطْعًا وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ضَارَبْتُك وَعَامَلْتُك فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْفِعْلُ هُنَا، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنْ أَشْبَهَ الْوَكَالَةَ لِوُجُودِ النَّصِّ هُنَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَالِكُ كَالْمُوَكِّلِ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَيُوَكِّلُ فِي التَّعْيِينِ وَالْإِقْبَاضِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِوَلِيٍّ إلَخْ) سَوَاءٌ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَلَوْ فِيمَا لَمْ يَعْجِزَا عَنْهُ وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِتَوَقُّعِ الرِّبْحِ هُنَا، وَالسَّفِيهُ كَالطِّفْلِ وَشَرْطُ الْعَامِلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يَجُوزَ الْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَارِضَ الْوَلِيُّ لِنَفْسِهِ مَعَ مُوَلِّيهِ وَلَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا وَيَجْتَهِدُ الْوَلِيُّ فِي أَنْ يَكُونَ مَا شَرَطَهُ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ كَذَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَرِيضِ بِقَوْلِهِمْ وَلِلْمَرِيضِ أَنْ يُقَارِضَ وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ الْعَامِلِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ مَعْدُومٌ:

قَوْلُهُ (لِيُشَارِكَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ عَامِلًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هُوَ كَالْمُسَاعِدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) وَالْأَوَّلُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ ثُمَّ إنْ عَمِلَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَالَ: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَك فَهَلْ هُوَ إبْضَاعٌ أَوْ قَرْضٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. أَوْ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ لَك، فَهَلْ هُوَ إبْضَاعٌ أَوْ قِرَاضٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ

قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا) نَظِيرُهُ بِعْتُك بِأَلْفِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَنَظِيرُ الْأَوَّلِ كَثِيرٌ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَالْبَيْعِ وَعَمْرٍو وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] فَإِنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْأَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَمَا قَبْلَهَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْلُومًا.

[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ]

فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى لَا بُدَّ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْأَخْذُ، لَكِنْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ فِي هَذَا، وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ عَلَى وَجْهٍ انْتَهَى.

وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ نَفَذَ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ. قَوْلُهُ: (خُذْ هَذَا الْأَلْفَ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِنْ صِيَغِ الْقِرَاضِ، وَمِثْلُهُ خُذْهُ وَبِعْ فِيهِ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ الْجُنُونِ، أَوْ قَالَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: أَقْرَرْتُك عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ كَانَ كَافِيًا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُقَارِضَ) يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي السَّفَرِ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ.

قَوْلُهُ (وَالثَّانِي يَجُوزُ) قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>