للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ عِنْدِهِ فَذَاكَ أَوْ (مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَغَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّالِثُ مِنْ الْجَمِيعِ بِالتَّقْسِيطِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ وَالرِّبْحُ مِائَةً فَثُلُثَا الْمُخْرَجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثُهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ) الْعَامِلُ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِطَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَطْعَ بِاللُّزُومِ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الظُّهُورِ، فَإِذَا تَمَّ وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا. وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» . (تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي بِطُلُوعِ فَجْرِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، وَلَا يُكْمَلُ بِالْعَيْنِ كَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) أَيْ الْمَالِكُ مِنْ عِنْدِهِ فَذَاكَ ظَاهِرٌ وَوَاضِحٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا الْمَالِكُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ مِنْ الْمُرْبَحِ) إنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِالتَّوْزِيعِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ) وَلَمْ تُعْتَبَرْ الشَّرِكَةُ هُنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مِلْكِ الْعَامِلِ. وَهَذَا عَلَى الطَّرِيقِ، الْمَرْجُوحِ، كَقَوْلِهِ: وَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِإِخْرَاجِهَا وَهُوَ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ. فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهَا أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا عِوَضَ فِيهِ. كَذَا قَالُوا. وَالْوَجْهُ صِحَّتُهُ وَاعْتِبَارُ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. وَرَاجِعْ وَافْهَمْ.

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ هِيَ لُغَةً إمَّا بِمَعْنَى الْفِطْرَةِ أَيْ الْخِلْقَةِ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ، وَحِكْمَتُهَا تَزْكِيَةُ النَّفْسِ وَتَنْمِيَةُ عَمَلِهَا أَوْ بِمَعْنَى الْفِطْرِ مِنْ الصَّوْمِ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى جُزْءِ سَبَبِهِ وَحِكْمَتُهَا جَبْرُ خَلَلٍ يَقَعُ فِي الصَّوْمِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا عَدَمَ وُجُوبِهَا كَمَا قِيلَ بِهِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رُوعِيَ فِيهَا النَّصُّ الْآتِي. وَلِذَلِكَ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا. وَفُرِضَتْ فِي رَمَضَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَفْظُ الْفِطْرَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمُّهَا لَحْنٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ، وَهِيَ شَرْعًا اسْمٌ لِمَا يُخْرَجُ

كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَرَضَ) أَيْ أَوْجَبَ. قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ) أَيْ عَنْ كُلِّ لِأَنَّهُ الْمُؤَدِّي عَنْهُ وَأَشَارَ بِعَلَى إلَى أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ) أَيْ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْ مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ قَبْلَهَا

ــ

[حاشية عميرة]

الْقَدِيمِ إلَخْ) قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَدِيمَ وَالْجَدِيدَ جَارِيَانِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الزَّكَاتَانِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ أَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ) لَك أَنْ تَقُولَ هَلَّا اعْتَبَرَ الْخُلْطَةَ مَعَ شَرِيكِهِ. بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَكَاةُ الْفِطْرِ) أُضِيفَتْ إلَيْهِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا يَدْخُلُ بِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: زَكَاةُ الْفِطْرَةِ بِالْكَسْرِ أَيْ الْخِلْقَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] وَيُقَالُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا لِلْمُخْرَجِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَكِنَّهَا مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً وَلَا مُعَرَّبَةً بَلْ اصْطِلَاحِيَّةً لِلْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا بِخِلَافِهِ زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ رَمَضَانَ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ حُرٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ حُرٍّ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ. وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>