للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ جَمِيعُهُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلْقِصَاصِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ وَالثَّالِثُ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْعَافِي وَيَبْقَى الْبَاقِي، لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّقْسِيطِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ السَّوْطُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الشَّرِكَةُ.

فَصْلٌ. لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ (قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ (أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا كَشِيَاعِ زِنَاهَا يُرِيدُ مَعَ قَرِينَةٍ بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ) أَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا يُعْفِي مُجَرَّدُ الشِّيَاعِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ وَلَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِخَوْفٍ، أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ، وَمِنْ صُوَرِ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ أَنْ تُخْبِرَهُ بِزِنَاهَا، فَيَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا، أَوْ يُخْبِرَهُ بِهِ عَنْ عِيَانٍ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ حِينَئِذٍ الْقَذْفُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ مِنْهَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ، وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ، أَوْ إقْرَارٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ يَنْفِيهِ.

(وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ) مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ (لَزِمَهُ نَفْيُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ وَطَرِيقُ نَفْيِهِ اللِّعَانُ الْمَسْبُوقُ بِالْقَذْفِ فَيَلْزَمَانِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا إذَا عَلِمَ زِنَاهَا، أَوْ ظَنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَازِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَإِنَّمَا يَعْلَمُ) أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَطَأْ) (أَوْ) وَطِئَ وَ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ) الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ) الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا) .

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ عَفْوُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ اسْتِيفَاؤُهُ فَيُنْتَظَرُ كَمَالُهُمَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ غَيْرِهِمَا عَلَى كَمَالِهِمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْغَيْبَةُ فَلِلْكَامِلِ وَالْحَاضِرِ الطَّلَبُ وَاسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ وَلَا يُعَادُ التَّعْزِيرُ، أَوْ الْحَدُّ لَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَإِنْ طَلَبَاهُ.

فُرُوعٌ: لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ فَلِسَيِّدِهِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَلَوْ قَذَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّعْزِيرِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ عَنْ السَّيِّدِ، لِإِرْثِهِ لَهُ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَارِثِ الْعَبْدِ لَوْلَا الرِّقُّ كَابْنِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ حَصَانَةِ الْمَقْذُوفِ، وَلِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى، أَوْ مَا ارْتَكَبَ مُسْقِطًا لِلْعِفَّةِ وَكَذَا لَهُ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ

فَصْلٌ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ

قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِزَيْدٍ) مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (رَآهُمَا) وَلَوْ مَرَّةً قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ دُخُولِهِ تَحْتَ الْكَافِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ، فَلَا يُفِيدُ الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ، وَلِأَنَّهُ خَبَرُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرًا فَلَيْسَ فِيهِ ظَنٌّ إلَّا بِمُقْتَضَى تَصْدِيقِهِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) وَتَتَأَكَّدُ الْأَوْلَوِيَّةُ عِنْدَ الظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ) أَيْ وَأُلْحِقَ بِهِ ظَاهِرًا، وَإِلَّا كَأَنْ أَتَتْ بِهِ خِفْيَةً بِحَيْثُ لَا يُلْحَقُ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ.

قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمَانِ) فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَهُ إلَخْ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ أَيْ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْذِفُهَا) بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (أَيْ بَيْنَ سِتَّةٍ إلَخْ) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ مِنْ أَنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

تَنْبِيهٌ: لِبَعْضِهِمْ الِاسْتِيفَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي صَغِيرًا، أَوْ غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا كَامِلًا وَلَمْ يَطْلُبْ، قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا نَظِيرَ لِذَلِكَ فَإِنَّ نَظَائِرَهَا إمَّا أَنْ تَسْقُطَ حِصَّةُ الْعَافِي كَالشُّفْعَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْقُطَ الْجَمِيعُ كَالْقِصَاصِ

[فَصْلٌ لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا]

فَصْلٌ لَهُ قَذْفُ زَوْجِهِ

اسْتَدَلَّ عَلَى الْجَوَازِ بِآيَةِ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦] وَبِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ أَتَى أَهْلَهُ عِشَاءً فَرَأَى بِعَيْنِهِ وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ، فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ، وَأَمَّا الْجَوَازُ عِنْدَ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّحَقُّقِ، وَكَمَا فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ تُبْنَى عَلَى الْقَرَائِنِ نَعَمْ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِشَاعَةِ وَقَدْ مَنَعُوا كِفَايَتَهَا هُنَا، وَكَأَنَّ الْفَارِقَ مَا يُطْلَبُ فِي هَذِهِ الْفَاحِشَةِ مِنْ السَّتْرِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ الزَّوْجُ عَلَى اسْتِخْلَاءٍ مِرَارًا فِي مَوْطِنِ الرِّيبَةِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الِانْضِمَامِ إلَى الِاسْتِفَاضَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. وَهُوَ مَتِينٌ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِ إلَخْ) . قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَافِ مِنْ قَوْلِهِ كَشِيَاعِ

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا) أَيْ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ النَّفْيُ وَيَقُولُ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي، وَإِنَّ الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَزِمَ قَذْفُهَا لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَتَعَيَّنُ خُصُوصُ الْقَذْفِ بَلْ يَكْفِي رَمْيُهَا بِالْعُلُوقِ مِنْ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>