للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْهُونُ (كَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى) وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» (لَا الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) فَإِنَّهُمَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (لَمْ يُقْلِعْ قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ يُقْلِعُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ قِيمَتُهَا (بِالدَّيْنِ وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ) بِالْمَرْهُونِ (بِغَيْرِ اسْتِرْدَادٍ لَمْ يُسْتَرَدَّ) كَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا لَهُ حِرْفَةٌ يَعْمَلُهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُسْتَرَدُّ لِعَمَلِهَا وَيُسْتَرَدُّ لِلْخِدْمَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ اسْتِرْدَادٍ (فَيُسْتَرَدُّ) كَأَنْ تَكُونَ دَارًا فَتُسْكَنَ أَوْ دَابَّةً فَتُرْكَبَ وَيَرُدَّهَا وَعَبْدَ الْخِدْمَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْلًا. (وَيُشْهِدُ) الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ شَاهِدَيْنِ (إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِشْهَادِ (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ، فَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَإِنْ أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ نَفَذَتْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (الرُّجُوعُ) عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَكَتَصَرُّفِ وَكِيلٍ جَهِلَ عَزْلَهُ) مِنْ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجِّلَ الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ لِهَذَا الْغَرَضِ بِأَنْ شَرَطَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ

ــ

[حاشية قليوبي]

دِيَةَ لِلْحُرَّةِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (كَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى) وَلَهُ الِاسْتِخْدَامُ وَلَوْ لِأَمَةٍ مَا لَمْ يَظُنَّهُ أَنَّهُ يَطَؤُهَا نَعَمْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ لِسَفَرٍ وَإِنْ قَصَرَ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِ نَهْبٍ وَتَعَذُّرِ رَدٍّ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (لَا الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) إلَّا إنْ الْتَزَمَ قَلْعَهُمَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهِ وَلَهُ بِنَاءٌ وَغَرْسٌ وَزَرْعٌ لَا تَنْقُصُ بِهَا الْقِيمَةُ كَبِنَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَزَرْعٍ يُزَالُ حَالًّا، فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لِعَارِضٍ تُرِكَ إلَى الْإِدْرَاكِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَفِ إلَخْ) فَإِنْ وَفَتْ فَلَا قَلْعَ وَإِنْ زَادَتْ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ لِحَاجَةِ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِمَا مَعَ الْأَرْضِ أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بِيعَا مَعَهَا وَحَسِبَ النَّقْصَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ) أَيْ الَّذِي يُرِيدُهُ الرَّاهِنُ وَإِنْ أَحْسَنَ غَيْرُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا أَرَادَهُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ حِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَرُدُّهَا إلَخْ) فَلَوْ دَامَ الِانْتِفَاعُ مَنَعَ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ أَمَةٍ يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا إنْ أَمِنَ بِنَحْوِ حَلِيلَةٍ لَهُ أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) الْمُرَادُ مِنْهُ وَقْتُ عَدَمِ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَشْهَدُ) أَيْ قَهْرًا بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ رَدِّهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَيَكْفِي الْإِشْهَادُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقِيلَ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادَةٍ وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَخْذِهِ. قَوْلُهُ: (شَاهِدَيْنِ) أَوْ شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ لِيَحْلِفَ مَعَهُ وَمَعَهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَثِقَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادِهِ أَصْلًا بَلْ يُنْدَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (إنْ اتَّهَمَهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ لَهُ وَإِنْ أَشْهَدَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَحَيَّلَ فِي إتْلَافِهِ بَلْ يَرُدُّ لِعَدْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ رَدَّهُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدًا وَالتَّصَرُّفُ مَعَهُ كَإِذْنِهِ إنْ كَانَ الْمُبْتَدِي بِالصِّيغَةِ هُوَ الرَّاهِنَ. نَعَمْ إنْ رَهَنَهُ عِنْدَهُ ثَانِيًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِفَسْخِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ غَيْرِهِ لِتَوَهُّمِ بَقَاءِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَبِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَيَحِلُّ الْوَطْءُ) أَيْ مَرَّةً فَقَطْ فِيمَنْ تَحْبَلُ إنْ لَمْ تَحْبَلْ وَإِلَّا فَلَهُ التَّكْرَارُ وَمِثْلُ الْوَطْءِ كُلُّ مَا يَتَكَرَّرُ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ كَالْإِعَارَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَ) وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ الرَّهْنُ) أَيْ بِالْوِلَادَةِ لَا بِالْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ) وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ الرَّاهِنُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ إلَّا فِي الْعَتِيقِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَحْلِفَانِ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَقْدِيمِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّصَرُّفِ أَوْ عَكْسِهِ فَكَالرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَنِهِ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَرَطَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ أَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

أَقْوَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقْلِعْ) أَيْ لِاحْتِمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَرَدُّ لِلْخِدْمَةِ) يُرِيدُ أَنَّا لَا نُعَيِّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَالَ فِي تِلْكَ الْحِرْفَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ لَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوَّلًا فَمَحَلُّ نَظَرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَدَرَ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ، وَنَظَّرَهَا بِمَسْأَلَةٍ الْمُرَجَّحُ فِيهَا الصِّحَّةُ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ) بِخِلَافِهِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَوْ رَهَنَ أَوْ وَهَبَ وَلَمْ يَقْبِضْ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِهَذَا الْغَرَضِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْفَسَادِ أَنْ يَقُولَ: أَذِنْت لَك فِي بَيْعِهِ لِتَعَجُّلٍ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>