(وَعَيَّنَ امْرَأَةً لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِلزِّيَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْمُسَمَّى وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ قَالَ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) ، فَإِنْ نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى، أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَغَا الزَّائِدُ، وَلَوْ قَالَ أَنْكِحُ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَنَكَحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَغَا الزَّائِدُ، (وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) ، فَقَالَ تَزَوَّجْ (فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَالثَّانِي يَلْغُو وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَنْكِحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ، (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) ، فَإِنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَغَا الزَّائِدُ، وَإِنْ نَكَحَ الشَّرِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَالْإِذْنُ لِلسَّفِيهِ لَا يُفِيدُهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ، (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا، فَلَا يَحْتَاجُ فِي فِعْلِهَا إلَى إذْنٍ كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ، (وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ) لِمَنْ تَلِيقُ بِهِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) لِلزِّيَادَةِ
(وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ) فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ سَفَهَهُ لِلتَّفْرِيطِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ) لِيَتَمَيَّزَ النِّكَاحُ عَنْ السِّفَاحِ
، (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَلَهُ ذِمَّةٌ، (وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِهِ
(وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، (وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ
ــ
[حاشية قليوبي]
وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَاجَةُ النِّكَاحِ فَقَطْ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَكَذَا حَاجَةُ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَادُ إلَخْ) أَيْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِهَا، وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فَيُزَادُ لِلْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ سَرَّى أَمَةً فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهَا أُبْدِلَتْ، وَلَوْ تَبَرَّمَ بِالزَّوْجَةِ كَأَنْ جُنَّتْ مَثَلًا تُرِكَتْ تَحْتَهُ وَيُزَوَّجُ غَيْرُهَا عَيْنًا إنْ عَيَّنَّهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصْلَحِ مِنْ تَسَرٍّ أَوْ تَزْوِيجٍ. قَوْلُهُ: (وَعَيَّنَ امْرَأَةً) أَيْ لَائِقَةً بِهِ وَكَذَا فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا) فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً وَزَادَتْ جَمَالًا أَوْ حَسَبًا أَوْ دِينًا صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِهِ مِنْ اعْتِبَارِ نَقْصِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ غَيْرُ مُرَادٍ. قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنُ) أَيْ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ نَكَحَ لَهُ الْوَلِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ، قَوْلُهُ: (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا غَيْرَ مَا عَيَّنَهَا لِوَلِيٍّ، وَلَوْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لَغَا الزَّائِدُ) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ زَائِدًا عَلَى الْأَلْفِ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ النِّكَاحُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ أَنْ يَكُونَ مَا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَدْرِ فِيمَا مَرَّ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِ لَائِقَةٍ بِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ لَائِقَةٍ بِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ لَائِقَةٍ بِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إخْدَامُهَا فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ نَظِيرُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَغَا الْمُسَمَّى كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) أَيْ صَحِيحٍ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت فَإِنَّ الْإِذْنَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا نَكَحَ لَائِقَةً بِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ، كَمَا فِي الْعَبْدِ وَفَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِمَالِكَةٍ أَمَرَهَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ الْحُرَّةُ الرَّشِيدَةُ الْمُخْتَارَةُ.
قَوْلُهُ: (فِي كَسْبِهِ) فَيُسْتَثْنَى مَنْ تَعَلَّقَ الْحَجْرُ بِهِ فِي الْغُرَمَاءِ.
قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ وَطِئَ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ مُطْلَقًا، وَيَتَعَلَّقُ
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الزَّائِدُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) قَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِثْلَ مَقَالَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، فِيمَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى الْبَغَوِيّ بَيْنَهُمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلِهِ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا وَفْقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مُتَصَرِّفٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا فِي مَالِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ) أَيْ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِالْمُطَاوَعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِحَالَةِ جَهْلِ السَّفَهِ وَالْحَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْحَالَيْنِ. اهـ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ حَالَةَ الْجَهْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَقَّهَا بَطَلَ بِالتَّمْكِينِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَالسَّفِيهِ.