للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ مُطْلَقًا لِوُجُودِ الْعِتْقِ فِي الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي عِدَّةَ أَمَةٍ مُطْلَقًا وَطُرُوُّ الْعِتْقِ لَا يُغَيِّرُ مَا وَجَبَ وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ تُكْمِلُ الرَّجْعِيَّةُ عِدَّةَ حُرَّةٍ، لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْبَائِنُ عِدَّةَ أَمَةٍ، لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

(وَحُرَّةٌ لَمْ تَحِضْ) أَصْلًا (أَوْ يَئِسَتْ) مِنْ الْحَيْضِ (بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةُ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ إنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهِ أَوْ بِانْسِلَاخِ مَا قَبْلَهُ (فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ الرَّابِعِ وَقِيلَ بِانْكِسَارِ شَهْرٍ يَنْكَسِرُ مَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ الْمُنْكَسِرَ يَتِمُّ بِمَا يَلِيهِ فَيَنْكَسِرُ أَيْضًا فَتَعْتَدُّ بِتِسْعِينَ يَوْمًا مِنْ الطَّلَاقِ (فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْهُرِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي خِلَالِ التَّيَمُّمِ.

(وَأَمَةٌ) لَمْ تَحِضْ، أَوْ يَئِسَتْ (بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ (وَفِي قَوْلٍ شَهْرَانِ) لِأَنَّهُمَا بَدَلٌ عَنْ الْقُرْأَيْنِ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ إلَّا بَعْدَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتَخَلَّقُ فِي ثَمَانِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ الْحِلُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ (أَوْ تَيْأَسَ فَبِالْأَشْهُرِ) وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ (أَوْ لَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ) تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ تَيْأَسَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) مُدَّةَ الْحَمْلِ غَالِبًا (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ الْقَدِيمِ (أَرْبَعَ سِنِينَ) أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ عَلَيْهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا اعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ فَقَطْ. أَوْ دُونَهَا لَغَا وَاعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِضْ) وَإِنْ وَلَدَتْ وَرَأَتْ نِفَاسًا كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ) أَيْ قَبْلَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا فِي السَّلَمِ.

قَوْلُهُ: (حَاضَتْ فِيهَا) خَرَجَ مَا بَعْدَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا قَبْلَ الْفُرْقَةِ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إذَا لَمْ تَحِضْ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ أَوْ حَاضَتْ بَعْدَهَا كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ بَعْدَ الْحَيْضِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَاضَتْ وَلَوْ بَعْدَ الْأَشْهُرِ تَعُودُ إلَى الْحَيْضِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ.

. قَوْلُهُ: (وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا) حُرَّةً، أَوْ أَمَةً سَوَاءٌ انْقَطَعَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) وَعَلَى هَذَا فَيَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ. إلَى الْيَأْسِ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَتُصَدَّقُ فِي بُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ بِيَمِينِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالُوا وَهَذِهِ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ.

تَنْبِيهٌ: يَظْهَرُ أَنَّ نَفَقَةَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ لَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ عَلَى نَظِيرِ عِدَّةِ شُبْهَةٍ تَخَلَّلَتْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ اسْتَأْنَفَتْ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ وَلَا تُلَفِّقُ الْعِدَّةَ، فَلَوْ عَادَ الدَّمُ أَتَمَّتْ عَلَى الْأَقْرَاءِ الْمَاضِيَةِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (عِدَّةُ حُرَّةٍ مُطْلَقًا) رَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَنُصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لِأَنَّ مَا اخْتَلَفَ بِهِ الْعِدَّةُ يُنْظَرُ فِيهِ لِلِانْتِهَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ كَمُعْتَدَّةٍ بِالْأَشْهُرِ، إذَا عَرَضَ الْأَقْرَاءُ فِي أَثْنَائِهَا وَلِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعِدَّةِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْعَقْدِ

قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِضْ) هُوَ شَامِلٌ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ لِمَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَلَا حَيْضًا سَابِقًا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى قَرْءًا فِي الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ إلَّا إذَا كَانَتْ تَحِيضُ قَبْلَ الْيَأْسِ

قَوْلُهُ: (فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْيَأْسِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَدَلًا عَنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، فَالشَّهْرَانِ بَدَلٌ عَنْ قُرْأَيْنِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ فَارَقَ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِقُرْأَيْنِ، لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ تَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَعَبُّدٌ مَوْضُوعٌ عَلَى التَّفَاضُلِ فَفَارَقَتْ الْحُرَّةُ فِيهِ الْأَمَةَ.

قَوْلُهُ: (تَصْبِرُ إلَخْ) قَضَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُرْضِعِ بِذَلِكَ بِرَأْيِ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ، قَوْلُهُ: (أَوْ تَيْأَسَ) اُنْظُرْ عَلَيْهِ هَلْ يَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ إلَى الْيَأْسِ أَمْ تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَنَظِيرِهِ السَّالِفِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (أَوْ لَا لِعِلَّةٍ فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَمْ تُجْعَلْ إلَّا لِمَنْ لَمْ تَحِضْ وَلِلْآيِسَةِ وَأَيْضًا فَلَا بُدَّ لِلِانْقِطَاعِ مِنْ سَبَبٍ، وَإِنْ خَفِيَ قَوْلُهُ: (فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) ظَاهِرُ الْخِلَافِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الِانْقِطَاعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ حَاضَتْ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا، ثُمَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ وَانْقَطَعَ الْحَيْضُ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْسَبَ لَهَا الْقُرْءَانِ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ بِشَهْرٍ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هَذَا عَلَى مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، قَوْلُهُ: (تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) اسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْقَدِيمِ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَابَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَثَرَ عُمَرَ، وَقَالَ قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَأَفْتَيْت بِهِ لِمَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>