للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُسْتَحْكِمِ، وَهُوَ فِي الْجُذَامِ بِالتَّقَطُّعِ، وَتَرَدَّدَ أَيْ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: يَجُوز أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاسْوِدَادِ الْعُضْوِ، وَحَكَمَ أَهْلُ الْبَصَائِرِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثَبَتَ جَوَابٌ لِإِذَا الْمُقَدَّرَةِ قَبْلَ وَجَدَ لِيَرْتَبِطَ الْكَلَامُ، وَقَوْلُهُ وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِهِ عَيْبٌ، مِثْلُ مَا وَجَدَهُ بِالْآخَرِ، بِأَنْ كَانَا مَجْذُومَيْنِ أَوْ أَبْرَصَيْنِ أَوَّلًا وَهُوَ صَحِيحٌ (وَقِيلَ إنْ وُجِدَ بِهِ مِثْلُ عَيْبِهِ) مِنْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ قَدْرًا وَفُحْشًا (فَلَا) خِيَارَ لَهُ لِتَسَاوِيهِمَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْمَجْنُونَانِ فَيَتَعَذَّرُ الْخِيَارُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ.

(وَلَوْ وُجِدَ خُنْثَى وَاضِحًا) بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ (فَلَا خِيَارَ) لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ ثُقْبَةٍ فِي الرَّجُلِ أَوْ سِلْعَةٍ فِي الْمَرْأَةِ لَا تُفَوِّتُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ لِنَفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أُوضِحَ بِعَلَامَةٍ قَطْعِيَّةٍ كَالْوِلَادَةِ أَوْ ظَنِّيَّةٍ أَمْ بِاخْتِيَارِهِ، أَمَّا الْمُشْكِلُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ.

(وَلَوْ حَدَثَ بِهِ) بَعْدَ الْعَقْد (عَيْبٌ تَخَيَّرَتْ) لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَوْ جُبَّتْ ذَكَرُهُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْأَصَحِّ كَالْمُسْتَأْجِرِ إذَا خَرِبَ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي إذَا عِيبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ قَابِضٌ لِحَقِّهِ (إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ) ، فَلَا خِيَارَ لَهَا بِهَا لِأَنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْجَبِّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْيَأْسَ عَنْ الْوَطْءِ، وَالْعُنَّةُ قَدْ يُرْجَى زَوَالُهَا (أَوْ) حَدَثَ (بِهَا) عَيْبٌ بِخِلَافٍ (تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ كَمَا لَوْ حَدَثَ بِهِ وَالْقَدِيمُ لَا خِيَارَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مَنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ، وَضُعِّفَ بِتَضَرُّرِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ، أَوْ كُلِّهِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

فِي الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ، وَيُصَدَّقُ هُوَ فِي بَقَاءِ قَدْرِهَا لَوْ أَنْكَرَتْهُ وَخَرَجَ بِهِ الْخَصِيُّ، وَهُوَ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ أَقْدَرُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُسْتَحْكِمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْبَرَصِ أَنْ لَا يَقْبِلَ الْعِلَاجَ، أَوْ أَنْ يَزْمَنَ أَوْ يَتَزَايَدَ وَفِي الْجُذَامِ الِاسْوِدَادُ مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لَا التَّقَطُّعُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِحْكَامِ فِيهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْكَامَ هُوَ التَّقَطُّعُ وَأَنَّ الِاسْوِدَادَ الْمَذْكُورَ لَا يُسَمَّى اسْتِحْكَامًا فَلَا خِلَافَ وَلَا اعْتِرَاضَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ) بَيَانٌ لِمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمِثْلِيَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْجُنُونُ لِأَجْلِ مَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدَهُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَجْنُونَانِ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ لِعَدَمِ الْخِيَارِ فِيهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَتَعَذَّرُ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِأَنْفُسِهِمَا فَغَيْرُ مُمَكَّنٍ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ، أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلِكُلٍّ الْخِيَارُ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ أَوْ بِوَلِيِّهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْجُنُونُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ، وَالْوَلِيُّ جَاهِلٌ بِهِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنَّ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لِلْوَلِيِّ بِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا م ر. مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِوَلِيِّهِمَا وَتَصْوِيرِهِ بِمَا إذَا أَذِنَتْ فِي مُعَيَّنٍ ثُمَّ جُنَّتْ وَعَقَدَ الْوَلِيُّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فِيهِ مَعَ التَّكَلُّفِ الزَّائِدِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَاضِحًا) حَالَ الْعَقْدِ فِيهِمَا فَلَا خِيَارَ كَمَا لَا خِيَارَ بِاسْتِحَاضَةٍ، وَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ، وَلَا بِقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ، وَإِنْ أَزْمَنَتْ وَلَا بِإِجَارَةٍ وَلَوْ عَيْنِيَّةً، وَلَا بِضِيقِ مَنْفَذٍ إلَّا إنْ أَفْضَاهَا كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ الرَّتَقِ وَلَا خِيَارَ بِعَبَالَةِ الزَّوْجِ، أَيْ كِبَرِ آلَتِهِ إلَّا إنْ عَجَزَ عَنْ إطَاقَتِهَا كُلُّ النِّسَاءِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَمْثَالَهَا نَحَافَةً وَضِدَّهَا وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (ظَنِّيَّةٍ) كَالْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُشْكِلُ) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَإِنْ اتَّضَحَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَيُحْتَاطُ لَهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ اتِّضَاحَ الشَّاهِدِ وَالْوَلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ لَا يَصِحّ عَقْدُ النِّكَاحِ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً فَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلْمُرَادِ أَوْ مُسْتَقِيمًا. .

قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَبَّتْ ذَكَرَهُ) أَيْ قَطَعَتْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَطُولِ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ) فَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَحَصَلَ لَهَا رَتَقٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (إلَّا عُنَّةً) هِيَ بِالضَّمِّ الْعَجْزُ عَنْ الْوَطْءِ هُنَا وَتُطْلَقُ أَيْضًا لُغَةً عَلَى حَظِيرَةٍ أَوْ خَيْمَةٍ تُجْعَلُ مِنْ أَعْوَادِ الشَّجَرِ لِلِاسْتِظْلَالِ بِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ فِي الْقُبُلِ فَقَطْ. وَلَوْ مَرَّةً وَبِإِعَانَةٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ فِي دُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى حَقِّهَا مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ تَقْرِيرُ الْمَهْرِ وَالتَّحْصِينِ، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمُطَالَبَتِهَا بِهِ فِي الْفَيْئَةِ فِي الْإِيلَاءِ وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَطْءِ

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا بِالْبَاءِ فَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ مَحَلُّ النَّظَرِ. قُلْت وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ إلَخْ. مَعَنَا وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَوَافَقَ مَا سَلَفَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ فَلَمْ تُعَيِّنْ رَجُلًا فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، قَالَ الْإِمَامُ صَحَّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ مِنْ مُعَيَّنٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِهِ عَيْبٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرُ الْكُفْءِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِالْحَالِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُ: (الشَّارِحِ وَإِنَّمَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَحْكِمُ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ فَقَالَا لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِحْكَامُ قَوْلُهُ: (قَدْرًا أَوْ فُحْشًا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلًّا. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمَجْنُونَانِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخَيَّرَتْ) قَالَ الْقَفَّالُ عُمْدَةُ الْأَصْحَابِ فِي هَذَا الْقِيَاسُ عَلَى حُدُوثِ عِتْقِ الْأَمَةِ تَحْتَ زَوْجِهَا الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ: (إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ) أَيْ لِحُصُولِ مَقْصُودِ النِّكَاحِ لَهَا مِنْ تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَالْحَضَانَةِ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّلَذُّذُ وَهُوَ شَهْوَةٌ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا مَعَ احْتِمَالِ عُنَّتِهِ لِلزَّوَالِ، بِخِلَافِ الْجَبِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>