للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) بِصُورَتَيْهَا لِلْجَهْلِ بِمَا شُرِطَ فِيهَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْكِتَابَةِ لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِهَا بِالِاخْتِبَارِ فِي الْحَالِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَا شُرِطَ فِي الدَّابَّةِ فِي ثَانِي الْحَالِ كَافٍ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ فَاشْتِرَاطُهُ إعْلَامٌ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا آبِقَةً أَوْ سَارِقَةً. (وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (وَحَمْلَهَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا فَفِيهِ جَعْلُ الْحَامِلِيَّةِ وَصْفًا تَابِعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْحَمْلِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَضُرُّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (وَلَا الْحَامِلِ دُونَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ. (وَلَا الْحَامِلِ بِحُرٍّ) لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْحَمْلُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ الْحَمْلِ مَعَهَا وَنَفْيِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) تَبَعًا لَهَا.

ــ

[حاشية قليوبي]

عُكُوسِهَا لِعُلُوِّ الْبِكْرِ، وَالْمَمْسُوحِ وَرَغْبَةُ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (كَاتِبًا) وَيَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَاتِبَةِ عُرْفًا فَإِنْ شَرَطَ حُسْنَهَا اُعْتُبِرَ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الْكِتَابَةِ بِكَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْعَجَمِيَّةِ مَثَلًا إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُهُ. وَلَوْ قَالَ: يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ فَكَالْحَمْلِ فَيَصْدُقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْبَائِعُ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ بَحْثٌ بِإِمْكَانِ اخْتِبَارِهِ فِي حَيَاتِهِ لِسُهُولَةِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَامِلًا) وَيُرْجَعُ فِي حَمْلِهَا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ نِسْوَةً وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحَمْلِ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْبَائِعُ أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَيَّنَ فِي الْحَمْلِ كَوْنَهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتُعْتَبَرُ بِأَمْثَالِهَا فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَخْلَفَ) أَيْ لَا الْأَعْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ) وَكَذَا بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الدَّابَّةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْجِدَارِ وَأُسِّهِ أَوْ بِأُسِّهِ أَوْ مَعَ أُسِّهِ أَوْ الْجُبَّةِ وَحَشْوِهَا أَوْ بِهِ أَوْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَصْفًا تَابِعًا) أَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي الْمَلَاقِيحِ. وَذَكَرَهُ هُنَا لِغَرَضِ التَّقْسِيمِ.

قَوْلُهُ: (كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَمْلَ آيِلٌ إلَى الِانْفِصَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُوَ اسْتِثْنَاءُ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ إذَا بَاعَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَثَمَرَةُ الشَّجَرَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، نَعَمْ يُرَدُّ مَا لَوْ اسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ فِي بَيْعِهَا مُؤَجَّرَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ مُدَّةً فَرَاجِعْهُ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُبْطِلُهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِحُرٍّ) وَمِثْلُهُ الْمَمْلُوكُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي، قَالَ شَيْخُنَا ز ي كَابْنِ حَجَرٍ: وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ النَّجِسُ نَحْوَ كَلْبٍ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا م ر، وَلَوْ تَبَيَّنَ الْحَمْلُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ إنْ عُلِمَ وُجُودُهُ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ نَحْوِ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (مُسْتَثْنًى شَرْعًا) وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا) وَلَوْ مَرْهُونَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا. قَوْلُهُ: (دَخَلَ الْحَمْلُ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَلَوْ انْفَصَلَ أَحَدُ تَوْأَمَيْنِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي بَعْدَهُ فَالثَّانِي لِلْمُشْتَرِي وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: لِلْبَائِعِ كَالْأَوَّلِ وَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ.

تَنْبِيهٌ: حَذْفٌ الْمُفْسِدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يُصَحِّحُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَإِلْحَاقُ الْمُفْسِدِ بِهِ فِيهِ

ــ

[حاشية عميرة]

أَنْ يَشْتَرِطَ الثُّيُوبَةَ فَتَظْهَرَ بِكْرًا خِلَافًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ: أَخْلَفَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَفَهُ أَيْ وَجَدَ مَوْعِدَهُ خَلْفًا. قَالَ: وَالْخَلْفُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْكَذِبِ فِي الْمَاضِي. قَوْلُهُ: (صَحَّ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ وَعَلَّلَهُ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ الْتِزَامُ أَمْرٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى إنْشَاءِ شَيْءٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ الشَّرْطِ وَإِنْ سَمَّيَاهُ شَرْطًا وَبَيَّنَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ إيجَابِ الْحَوَامِلِ فِي الدِّيَاتِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَفْخًا. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ وَحَمْلَهَا. قَوْلُهُ: (لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ إلَخْ) وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ لَوْ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْجِدَارَ وَأُسَّهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الْجِدَارِ شَامِلٌ لِلْأُسِّ بِخِلَافِ اسْمِ الدَّابَّةِ لَا يَشْمَلُ الْحَمْلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَلَاقِيحِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلَاقِيحُ تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>