للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ. (مُتَبَرِّعًا) (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاقَاةِ، وَهَرَبَ لِلْعَامِلِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ وَيُوَفِّي مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرِ. (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ) لِإِتْمَامِ الْعَمَلِ. (إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ) بِمَا يُنْفِقُهُ وَيُصَرِّحُ فِي الْإِشْهَادِ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا ذُكِرَ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ.

(وَلَوْ) (مَاتَ) الْعَامِلُ (وَخَلَّفَ تَرِكَةً) (أَتَمَّ الْوَارِثُ الْعَمَلَ مِنْهَا) بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْهُ لِلُزُومِهِ لِلْمُوَرِّثِ. (وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ) وَيَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً لَمْ يُقْتَرَضْ عَلَيْهِ، وَلِلْوَارِثِ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَالِهِ وَيُسَلَّمُ لَهُ عَلَى عَيْنِ الْعَامِلِ، انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ، بَلْ تَسْتَمِرُّ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ.

(وَلَوْ ثَبَتَتْ خِيَانَةُ عَامِلٍ) فِيهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. (ضُمَّ إلَيْهِ مُشْرِفٌ) إلَى أَنْ يَتِمَّ الْعَمَلُ. (فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ عَامِلٌ) يُتِمُّ الْعَمَلَ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمُشْرِفِ أَيْضًا. (وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ مُسْتَحَقًّا) بِخُرُوجِ مُسْتَحَقِّهِ (فَلِلْعَامِلِ عَلَى الْمُسَاقِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

بِحَضْرَتِهِمَا أَوْ اسْتَغْنَى الشَّجَرُ عَنْ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (بَقِيَ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَقَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ) أَيْ أَوْ أَذِنَ لِلْمَالِكِ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ أَوْ يُقْرِضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْمَلُ بِمُؤَجَّلٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا يُقْرِضُ إذَا ظَهَرَتْ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهَا وَمَحَلُّ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ، إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الذِّمَّةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَتَرْكِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ) لِعَدَمِهِ، أَوْ عَدَمِ إجَابَتِهِ لَهُ أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَى أَخْذِ مَالٍ لَهُ وَقَعَ أَوْ بَعْدَهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَمِثْلُهُ عَجْزُ الْمَالِكِ عَنْ إثْبَاتِ هَرَبِ الْعَامِلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ عَلَى عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِمَا يُنْفِقُهُ أَوْ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِهِ حَيْثُ وَافَقَ الْعُرْفَ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذُكِرَ) وَمِنْهُ التَّصْرِيحُ بِالرُّجُوعِ نَعَمْ يُعْذَرُ فِي تَرْكِهِ لِجَهْلٍ بِهِ لَا فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ وَالْإِنْفَاقُ لَمْ يَفْسَخْ إنْ ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ وَهِيَ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الذِّمَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (أَتَمَّ الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِتْمَامِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْ يُتِمُّ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ. إنْ كَانَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْتَرِضْ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلِلْوَارِثِ إنْ شَاءَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. بِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا نَحْوُ التَّجْفِيفِ فَلَا تَنْفَسِخُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْعَامِلُ أَوْ كَانَ الْبَطْنُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ انْفَسَخَتْ.

قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) وَكَذَا بِيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُصَدَّقُ ابْتِدَاءً الْعَامِلُ، وَلَا بُدَّ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ الْخِيَانَةَ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا إنْ أَرَادَ أَنْ يُغَرِّمَهُ فَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الشَّجَرِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً.

قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ فِي مُسَاقَاةِ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ فِي حَالِ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَا بِإِشَاعَتِهَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ فِيهَا فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ فِي ضَمِّ الْمُشْرِفِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةُ. قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) مِثَالٌ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِالثَّمَرَةِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ مَعَ خُرُوجِ الْأَشْجَارِ مُسْتَحِقَّةً نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِعَمَلِهِ) أَيْ حَيْثُ جَهِلَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَطْعًا وَفَارَقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرَهَا مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأُجْرَةَ وَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُنَا، وَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الشَّجَرَ فَالْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ.

تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ إنْ كَانَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ رَدْمٌ انْقَطَعَ وَلَوْ تَلِفَ بِقَطْعِهِ الثَّمَرُ أَوْ بِجَائِحَةٍ أَوْ نَحْوَ غَصْبٍ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامٌ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ الثَّمَرِ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْعَامِلُ، فَإِنْ فَسَخَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَجَازَ أَتَمَّ الْعَمَلَ، وَلَهُ حِصَّتُهُ مِمَّا بَقِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي تَلَفِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يُرْجَى بَقَاؤُهُ لِأَجْلِهِ، وَلَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَبَدَا صَلَاحُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ) قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ اهـ.

وَالْأَصْحَابُ نَزَّلُوا ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا وَفِي الْجَعَالَةِ: لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ. قُلْت: قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي إمَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُلَاةِ الْوَظَائِفِ إذَا اسْتَنَابَ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ النَّائِبِ وَالْمُسْتَنِيبِ مَعًا. قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ مُبَاشَرَةُ مَنْ عَيَّنَهُ أَوْ عَيَّنَهُ النَّاظِرُ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ مُبَاشَرَتَهُ أَيْضًا إذَا وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ، لَكِنَّ النِّيَابَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَظَائِفِ أَقْوَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الْحَاكِمِ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ تُوقَفْ ذَلِكَ عَلَى كُلْفَةٍ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظَرِهِ مِنْ هَرَبِ الْجِمَالِ تَصْدِيقَ الْجَمَّالِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ ثَبَتَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لَا ضَمَّ، لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْوَسِيطِ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَضُمَّ بِأُجْرَةٍ عَلَيْهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْيَدِ.

قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ، ثُمَّ يُسَاقِي عَلَيْهَا ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا كَانَ جَاهِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>