للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِلْعِيدِ (وَسِرْجِينٍ) أَيْ زِبْلٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ، وَالثَّانِيَ لَيْسَ بِمَالٍ وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ لِلْمَالِ (وَلَا يُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِمَا لَا يُقْتَنَى) كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَجِبُ رَدُّهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِهِ قَوْلُهُ عَلَيَّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ فَيُصَدَّقُ بِهِ (وَلَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا (بِعِبَادَةٍ وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، (وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ. وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ. (وَكَذَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَتُسْتَأْجَرُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى امْتِنَاعِ بَيْعِهَا (لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْمَالِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مَالٌ إلَى آخِرِهِ، وَمِنْهُ الْمَقْبُولُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ (وَقَوْلُهُ) لَهُ (كَذَا) عَلَيَّ (كَقَوْلِهِ) لَهُ (شَيْءٌ) عَلَيَّ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرَّرْ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ.

(وَلَوْ قَالَ شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا وَجَبَ شَيْئَانِ) يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (كَذَا دِرْهَمًا أَوْ رُفِعَ الدِّرْهَمُ أَوْ جُزْءٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَالْمَنْصُوبُ تَمْيِيزٌ، وَالْمَرْفُوعُ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ، وَالْجَرُّ لَحْنٌ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ دِرْهَمَانِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا يَحْصُلُ بِهِ دَفْعُ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبُ نَفْعٍ فَقَوْلُهُ: كَرَغِيفٍ يُرَادُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ مِمَّا يُسَاوِي دِرْهَمًا الْمُعَبَّرَ عَنْهُ فِي كَلَامِهِ بِالْفَلْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ) وَكَثَمَرٍ بِمَحَلٍّ تَكْثُرُ ثِمَارُهُ كَالْبَصْرَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) أَيْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ وَلَيْسَ الصَّيْدُ قَيْدًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ، وَلَوْ عَمَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَا أَخْذًا مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ) وَمِنْهُ مَيْتَةٌ لِمُضْطَرٍّ وَخَمْرَةٌ غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ لِذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (بِكَلِمَةِ عَلَيَّ) فَلَوْ قَالَ: فِي ذِمَّتِي لَمْ يُقْبَلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ) أَيْ الَّذِي بِلَفْظِ شَيْءٍ، وَيُقْبَلُ فِيهِمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ، وَكَوْنُ الشَّيْءِ أَعَمَّ مِنْ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ لَا يُنَافِي خِلَافَهُ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفِ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: غَصَبْتُك أَوْ غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ أَوْ غَصَبْتُك شَيْئًا صَحَّ وَهُوَ مِنْ الْمُبْهَمِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ فَلَهُ جَمِيعُ مَا فِيهَا، فَلَوْ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ كَانَ فِيهَا حَالَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَوَارِثُهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ سَاكِنٌ وَلَوْ زَوْجَةَ الْمُقِرِّ قُبِلَ قَوْلُهُ بِنِصْفِ مَا فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ) (أَقَرَّ) بِلَفْظِ، عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ عَلَيَّ وَكَذَا فِي ذِمَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَثِيرٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَكَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مَا عَلَى فُلَانٍ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ، فَلَوْ قَالَ، مِثْلُ مَا فِي يَدِ فُلَانٍ، أَوْ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ تَعَيَّنَ مِقْدَارُ ذَلِكَ عَدَدًا بِأَيِّ جِنْسٍ كَانَ لِتَبَادُرِ الْمِثْلِيَّةِ لِلْعَدَدِ الْمُسَاوِي بِخِلَافِ الْأَكْثَرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ، وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِالْمُسْتَوْلَدَةِ) أَيْ يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْمَالِ فِيهَا إنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِي، وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا تَصِحُّ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَتُسْتَأْجَرُ) وَيَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَسَوَاءٌ قَالَ فِي إقْرَارِهِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ: وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا كَذَا) وَإِنْ زَادَ فِي التَّكْرَارِ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي لِجَوَازِ تَعَدُّدِ التَّأْكِيدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ شَيْئَانِ. قَوْلُهُ: (شَيْءٌ وَشَيْءٌ) وَالْفَاءُ وَثُمَّ وَبَلْ كَالْوَاوِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا وَكَذَا) وَمِثْلُهُ شَيْءٌ وَكَذَا أَوْ كَذَا وَشَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَذَا هُنَا لَفْظُهَا لَا كَوْنُهَا كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ وَلَا أَصْلُهَا الْمُرَكَّبُ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ كَذَا بَلْ كَذَا لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَدَلٌ) أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَوْلُهُ: (وَالْجَرُّ لَحْنٌ) عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّ كَذَا مِثْلُ كَمْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كَذَا مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ عَيْنٍ فَسَقَطَ مَا لِابْنِ هِشَامٍ هُنَا، وَلَوْ سُكِّنَ الدِّرْهَمُ وَقْفًا فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ. وَدَعْوَى لُزُومِ عِشْرِينَ فِي النَّصْبِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَنْصُوبٍ كَمَا قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ لُزُومُ مِائَةٍ فِي الْجَرِّ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَدَعْوَى لُزُومِ بَعْضِ دِرْهَمٍ فِي الْحُرِّ بِتَقْدِيرِ مِنْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَذَا لِلْآحَادِ لَا لِكُسُورِهَا.

قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بِكَلْبٍ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ فِيهِمَا خِلَافٌ أَخْذًا مِمَّا سَلَفَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ ابْنَ شُهْبَةَ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ انْتَهَى. قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ هُنَا عَلَى مَا لَوْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ دُونَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَدْ أَشَارَ فِيمَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ ذِكْرِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْمُحَرَّرُ إلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ أَحْسَنُ مِنْ جِهَةِ تَنَاوُلِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَيْ نَظَرًا إلَى إمْكَانِ تَصْوِيرِهَا بِمَا قُلْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ أَحْسَنُ لِإِمْكَانِ تَصْوِيرِهَا بِلَهُ عِنْدِي مَالٌ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَذَا) هِيَ فِي الْأَصْلِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ، ثُمَّ نُقِلَتْ فَصَارَتْ يُكَنَّى بِهَا عَنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ فِي مِثَالِهِ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِلَفْظَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَعَقَبَهُمَا بِقَوْلِهِ: دِرْهَمًا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ يَعُودُ إلَى كُلٍّ فَقَدَّمَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>