للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ رَشِيدًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ اهـ. (وَضَمَانُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ كَشِرَائِهِ) أَيْ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (وَضَمَانُ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ كَسْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ) . كَالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْمَأْذُونِ (قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ لَمْ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْكَفَالَةِ، يُقَالُ: عَلَى الْتِزَامِ دَيْنٍ أَوْ إحْضَارِ عَيْنٍ أَوْ بَدَنٍ، وَيُقَالُ: عَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ وَهُوَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الرُّجُوعِ، خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَنْدُوبٌ لِقَادِرٍ وَاثِقٍ بِنَفْسِهِ أَمِنَ غَائِلَتَهُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَأَوَّلُهُ شَهَامَةٌ أَيْ شِدَّةُ حَمَاقَةٍ، وَأَوْسَطُهُ نَدَامَةٌ وَآخِرُهُ غَرَامَةٌ وَلِذَلِكَ قِيلَ نَظْمًا:

ضَادُ الضَّمَانِ بِصَادِ الصَّكِّ مُتَّصِلٌ ... فَإِنْ ضَمِنْت فَجَاءَ الْحَبْسُ فِي الْوَسَطِ

قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ بِهِ شَرْعًا الْتِزَامٌ إلَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ إنَّ الِالْتِزَامَ إمَّا فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَالْأَكْثَرُ أَوْ فِي الْعَيْنِ كَضَمِنْتُ مَالَكَ عَلَيْهِ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا، أَوْ فِي الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ مَعًا، كَضَمِنْتُ مَالَكَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِي وَفِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِمَا) وَهُوَ الْمَضْمُونُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ وَالصِّيغَةُ فَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ الضَّامِنِ) وَيُقَالُ لَهُ الضَّمِينُ وَالزَّعِيمُ وَالْحَمِيلُ وَالْكَفِيلُ، وَالصَّبِيرُ وَالْقَبِيلُ، وَقِيلَ الْأَوَّلَانِ لِلْمَالِ مُطْلَقًا وَالزَّعِيمُ لِلْمَالِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمِيلُ لِلدِّيَةِ وَالْكَفِيلُ لِلنَّفْسِ، أَوْ الْعَيْنِ وَالْقَبِيلُ وَالصَّبِيرُ لِلْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَوْ فَسَّرَهُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ كَانَ أَوْلَى لِيَخْرُجَ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ وَيَدْخُلَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ وَالسَّكْرَانُ.

قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِالرُّشْدِ اللَّازِمِ لَهُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَالْمُرَادُ بِصِحَّتِهَا تَرَتُّبُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهَا فَيَدْخُلُ السَّكْرَانُ وَيَخْرُجُ نَحْوُ النَّائِمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الصَّبِيِّ إلَخْ) وَلَوْ بِإِذْنِ أَوْلِيَائِهِمْ وَلَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّمَانِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا، وَعِنْدَ نَحْوِ الْجُنُونِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى، السُّكْرِ وَدَعْوَى التَّعَدِّي فِيهِ، وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إنْ أُرِيدَ ضَمَانُهُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ مُضِرٌّ، إنْ أُرِيدَ ضَمَانُهُ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى أَوْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ فَتَأَمَّلْ. وَأَمَّا ضَمَانُ الْمَرِيضِ فَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّمَانِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ أَوْ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ تَبَرُّعًا، فَتَتَبَيَّنُ صِحَّتُهُ فَرَاجِعْهُ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكْرَهِ، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ، وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ عَبْدٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمَوْقُوفًا وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ، وَلَوْ مُدَّةً بَاطِلٌ وَفَارَقَ صِحَّةَ خُلْعِ الْأَمَةِ لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ، نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ، قَالَهُ الْخَطِيبُ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَاعْتُبِرَ إذْنُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ الْعَبْدُ أَجْنَبِيًّا لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ بِالْإِذْنِ وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَفِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا إنْ أَدَّى الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَقِيَاسُ مَا فِي الْمُبَعَّضِ اعْتِبَارُ إذْنِ صَاحِبِهَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى

ــ

[حاشية عميرة]

لَا يُنَافِي الرُّشْدَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ بِرُشْدِ النَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَمَنْ سَكِرَ بِعُذْرٍ فَيَلْزَمُ صِحَّةُ ضَمَانِهِمْ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدٍ، وَعِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ يُشْتَرَطُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ جَمِيعًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا الْأَخْرَسَ الَّذِي لَهُ إشَارَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَضَمَانُ عَبْدٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَكَانَ كَالنِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا ضَرَرَ) أَيْ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ، ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ خُلْعَ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهَا، وَفَارَقَ الضَّمَانَ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُلْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَلَّقْنَا ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ لِمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِنْ قَصَرْنَاهُ عَلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ فَلَا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَصِحُّ يُفِيدَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الضَّمَانِ، وَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِكَامَ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ الْعَبِيدِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَضَى مِنْهُ أَيْ وَمَا فَضَلَ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَرْتَبِطُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْأَكْسَابِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يَقْصُرُ الطَّمَعَ عَلَى مَا عُيِّنَ، وَخَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِلْمَسْأَلَةِ. وَقَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: أَضْمَنُ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ مِنْ كَذَا.

أَمَّا لَوْ قَالَ: أَضْمَنُ كَذَا فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّ تَعْيِينَ جِهَةِ الْأَدَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>