للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَفَتْ وِلَايَةُ الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ، اسْتَتْبَعَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا الْوِلَايَةَ عَلَى عَتِيقِهَا فَيُزَوِّجُهَا أَبُو الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ جَدُّهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُزَوِّجُهَا ابْنُ الْمُعْتِقَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا رِضَاهَا (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا وِلَايَةَ لَهَا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا، وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا تُزَوِّجُ لِإِدْلَائِهِ بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهَا فِي الْإِذْنِ، وَزَوَّجَ وَلِيُّهَا (فَإِذَا مَاتَتْ زَوَّجَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) ، مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُقَدَّمُ ابْنُهَا عَلَى أَبِيهَا، (فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (وَكَذَا يُزَوِّجُ إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ) ، مِنْ النَّسَبِ (وَالْمُعْتِقُ) ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ حَقُّ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ، وَهَلْ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ أَوْ النِّيَابَةِ عَنْ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ، (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْفَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ إلَى كُفْءٍ وَامْتَنَعَ) ، الْوَلِيُّ مِنْ تَزْوِيجِهِ، وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِنَقْصِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَتَمَحَّضُ حَقًّا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفْءٍ، فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ عَضْلًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ الْوَلِيُّ مِنْ التَّزْوِيجِ بَيْنَ يَدَيْهِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ، أَوْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ، فَإِنَّهُ إنْ زَوَّجَ فَقَدْ حَصَلَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْقِرَاضِ الْمَالِكُ بِإِذْنِ الْعَامِلِ، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ الْخُنْثَى وَعَتِيقَتَهُ مَنْ يُزَوِّجُهُ لَوْ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِهِ وُجُوبًا، وَيُزَوِّجُ الْمَبِيعَةَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ شَرَطَ لَهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ اُعْتُبِرَ إذْنُهَا وُجُوبًا وَيُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ وَلِيُّهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُزَوِّجُ أَمَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا لَكِنْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ تَصْرِيحًا وَيُزَوِّجُ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيُزَوِّجُ الْمُكَاتَبَةَ سَيِّدُهَا، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ بَيْتِ الْمَالِ الْإِمَامُ كَاللَّقِيطَةِ بِإِذْنِهَا وَكَبِنْتِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ أَبِيهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ وَأَذِنُوا.

قَوْلُهُ: (مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتِقَةَ) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ دَخَلَ فِيهِ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَاثْنَيْنِ اعْتَبَرَ مُبَاشَرَتَهُمَا، أَوْ إذْنَهُمَا الْوَكِيلُ عَنْهُمَا، أَوْ تَوْكِيلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَيُزَوِّجُهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَعَ السُّلْطَانِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ بِتَزْوِيجِهَا. قَوْلُهُ: (رِضَاهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ فِي الْبِكْرِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ يَصِحَّ حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ) بَلْ وَلَوْ مَنَعَتْ أَوْ خَالَفَتْ دِينَ الْعَتِيقَةِ حَيْثُ وَافَقَ الْوَلِيُّ الْعَتِيقَةَ فِي الدِّينِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (زَوَّجَ السُّلْطَانُ) أَيْ مَنْ شَمِلَتْهَا وِلَايَتُهُ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا كَالْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فِي وِلَايَتِهِ بِأَنْ وَكَّلَ وَلَا يُزَوِّجُ الْخَارِجَةَ عَنْ وِلَايَتِهِ، وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِيهَا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَكِّلَ فِي تَزْوِيجِهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَهَا أَنْ تُحَكِّمَ مَعَ الزَّوْجِ مَنْ يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا، أَوْ غَيْرَهُ مَعَ عَدَمِ قَاضٍ، وَلَوْ ضَرُورَةً، أَوْ تَوَقَّفَ الرَّفْعُ إلَيْهَا عَلَى دَفْعِ مَالٍ لَهُ وَقْعٌ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُزَوِّجُ) أَيْ السُّلْطَانُ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَوْضِعَانِ مِنْ خَمْسَةٍ يُزَوِّجُ فِيهَا السُّلْطَانُ وَسَيَأْتِي بَاقِيهَا. قَوْلُهُ: (إذَا عَضَلَ) مِنْ الْعَضْلِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ. قَوْلُهُ: (الْقَرِيبُ) لَوْ قَالَ: الْوَلِيُّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ. قَوْلُهُ: (وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ) أَيْ دُونَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَلَوْ بِالسُّكُوتِ، وَإِلَّا فَقَدْ فَسَقَ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ دُونَ السُّلْطَانِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَلَوْ بِالْفِعْلِ أَوْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَطَلَبِ أَكْفَاءَ أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَوِّجُهَا، أَوْ قَالَ: هُوَ أَخُوهَا مِنْ رَضَاعٍ مَثَلًا، أَوْ قَالَ مَذْهَبِي لَا يَرَى حِلَّهَا لَهُ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّحْلِيلِ وَلَوْ لِاجْتِهَادٍ لَمْ يَكُنْ عَاضِلًا فَلَا يَأْثَمُ وَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْحَلِفِ وَزَوَّجَ لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الْمَهْرِ) أَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ) فَامْتِنَاعُهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَضْلُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (حَاضِرَانِ) وَيُغْنِي عَنْ حُضُورِ الزَّوْجِ تَعْيِينُهُ. قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كُفُؤًا غَيْرَهُ) وَلَوْ أَقَلَّ مَهْرًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ ذَلِكَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ دَعَتْ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَكْفَاءَ حَاضِرِينَ وَعَيَّنَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَلَوْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى أَكْفَاءَ مِمَّنْ ذَكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إلَّا كُفْؤًا حَاضِرًا أُجِيبَ الْوَلِيُّ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَوْ غَائِبًا فَعَاضِلٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ.

تَنْبِيهٌ: تَوْبَةُ الْعَاضِلِ تَحْصُلُ بِتَزْوِيجِهِ فَتَعُودُ وِلَايَتُهُ بِهِ، وَهَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرُوهُ بِعَوْدِ وِلَايَتِهِ بِلَا تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِلْعَضْلِ ثُمَّ ادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْعَضْلِ، وَزَوَّجَ قَبْلَ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَيَّنَتْهُ) أَيْ مِنْ الْأَكْفَاءِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا فِي هَذَا أَمَةُ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَةَ الْكَامِلَةَ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا نُطْقًا وَلَوْ بِكْرًا. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا رَضَاعًا) وَيَكْفِي السُّكُوتُ مِنْ الْبِكْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَرِيبُ إلَخْ) لَوْ قَالَ بَدَلَهُ الْوَلِيُّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>