للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُمْرَةِ وَيُقَاسُ بِهِ طَوَافُ الرُّكْنِ فِي الْحَجِّ (وَمَنْ سَعَى بَعْدَ) طَوَافِ (قُدُومٍ لَمْ يُعِدْهُ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافُهُ الْأَوَّلُ أَيْ سَعْيُهُ» . وَفِي التَّنْزِيلِ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] . وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ لَمْ تُسْتَحَبَّ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكْرُوهَةٌ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ قَامَةٍ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ وَأَنَّهُ فَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى. وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْقَ أَنْ يَلْصَقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ، وَيَلْصَقَ رُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (فَإِذَا رَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ (قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا. قُلْت وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا إلَّا الدُّعَاءَ ثَالِثًا. وَزَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِهِ «رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَ، وَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ: هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرَوَى النَّسَائِيّ يُحْيِي وَيُمِيتُ عَقِبَ وَلَهُ الْحَمْدُ (وَأَنْ يَمْشِيَ) عَلَى هَيِّنَتِهِ (أَوَّلَ السَّعْيِ وَآخِرَهُ وَيَعْدُوَ) أَيْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا (فِي الْوَسَطِ) لِقَوْلِ جَابِرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إذَا

ــ

[حاشية قليوبي]

لَا يَسْعَى بَعْدَهُ بَلْ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ. كَذَا قَالُوهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ.

وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ السَّعْيُ وَيَكْفِيهِ عَنْ الرُّكْنِ. وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَطُفْ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.

وَإِنْ طَافَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى هَذِهِ فَوَاضِحٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدُ غَيْرَ طَوَافِ الْقُدُومِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ) بَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَحْرُمُ إنْ قَصَدَ بِهَا الْعِبَادَةَ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْقَارِنِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَهُ إعَادَتُهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنُوزِعَ فِي الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى) أَيْ إلَّا إنْ خَلَا الْمَحَلُّ مِنْ غَيْرِ الْمَحَارِمِ فَيُسْتَحَبُّ لَهَا الرُّقِيُّ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ إلَخْ) هَذَا بِحَسَبِ مَا كَانَ وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ اسْتَتَرَ مِنْ الصَّفَا نَحْوُ ثَمَانِ دَرَجَاتٍ، وَمِنْ الْمَرْوَةِ نَحْوُ ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ، وَالْوُقُوفُ فَوْقَ ذَلِكَ يَكْفِي عَنْ الْإِلْصَاقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَقِيَ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الرَّاقِي وَغَيْرُهُ الذَّكَرُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي طَلَبِ الذِّكْرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بِمَا شَاءَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ: اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَإِنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُك كَمَا هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكَرِّرْهُ، أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَهُوَ أَوْلَى لِئَلَّا يَخْرُجَ الدُّعَاءُ عَقِبَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، أَوْ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَدَعَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَمْشِيَ) أَيْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ عَلَى الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (وَيَعْدُوَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَقْصِدُ بِسَعْيِهِ لَعِبًا وَلَا مُسَابِقَةً لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ سَعْيُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ السَّعْيَ لَا يَنْصَرِفُ كَالْوُقُوفِ

ــ

[حاشية عميرة]

شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّنْزِيلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ سَعْيُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكْرُوهَةٌ) اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ بَيْنَ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمَّا يَفْرُغُ مِنْ هَذَا يَدْعُو ثُمَّ يُعِيدُ التَّكْبِيرَ ثُمَّ يَدْعُو وَهَكَذَا فَفِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ، وَدَعَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِمَا شَاءَ ثُمَّ وَجَدْت نَصَّ الْبُوَيْطِيِّ مُصَرِّحًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَمْشِيَ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّمَا جَارٍ تَرْكُ الْعَدِّ وَفِي مَحَلِّهِ، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَشَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَالَ: إنْ مَشَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>