للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةَ آمِرَةٌ بِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَعُورِضَ بِمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ: «لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهَا، وَلَا يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِدَمٍ.

تَتِمَّةٌ: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ تَشْمَلُهُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ صَحَّ طَوَافُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطَافَ بِهِ حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ، وَهَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يُصْرَفَ الطَّوَافُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ وَالثَّانِي يَقَعُ الطَّوَافُ لِلْحَامِلِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ، وَالثَّالِثُ يَقَعُ لَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا دَارَ وَالْآخَرُ دِيرَ بِهِ (وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا فَلِلْحَامِلِ فَقَطْ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَحُكِيَ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَحَكَى الْبَغَوِيّ فِي الثَّانِيَةِ

ــ

[حاشية قليوبي]

نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ) أَيْ إلَى غَيْرِ الطَّوَافِ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ، أَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَلَا يَنْصَرِفُ بَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةِ الْمَحْمُولِ الْآتِيَةِ. وَلَوْ صَرَفَهُ عَنْ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ وُقُوعُهُ عَمَّا عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّوَافَ وَغَيْرَهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الرَّمْيُ فَكَالطَّوَافِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَحْمُولِ وَلَوْ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ، وَتُجْزِئُ فِيهِ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الْوُقُوفُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ فَلَا تَنْصَرِفُ وَلَا تُجْزِئُ فِيهِمَا النِّيَابَةُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صَرْفَ السَّعْيِ كَابْنِ حَجَرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يُرَدُّ النَّائِبُ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ أَصْلِهِ وَاقِعٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ. وَمِنْهُ صَغِيرٌ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ قَائِدًا لَهُ أَوْ سَائِقًا. وَخَرَجَ بِالْحَمْلِ مَا لَوْ وَضَعَهُ عَلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ وَجَذَبَهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) أَوْ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَطَافَ بِهِ) خَرَجَ السَّعْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى فَيَقَعُ فِي السَّعْيِ لِلْحَامِلِ مُطْلَقًا، وَفِي الْوُقُوفِ لَهُمَا مَعًا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ الْمَبِيتُ. قَوْلُهُ: (حَسَبَ إلَخْ) وَشَرْطُ مَنْ يَقَعُ لَهُ الطَّوَافُ وُجُودُ شُرُوطِهِ فِيهِ مِنْ سَتْرٍ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ صَرَفَهُ الْحَامِلُ لِغَيْرِ الطَّوَافِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ لَمْ يَقَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ صَرَفَهُ الْمَحْمُولُ لِلْحَامِلِ لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ) أَيْ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ وُقُوعِهِ لَهُ بِخِلَافِهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا. وَلَوْ تَعَدَّدَ الْحَامِلُ وَقَصَدَهُ وَاحِدٌ لِنَفْسِهِ وَآخَرُ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُمَا) عُلِمَ

ــ

[حاشية عميرة]

الرَّكْعَتَيْنِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ بِمَا فِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ تَتَوَقَّفُ الْمُعَارَضَةُ عَنْ تَأَخُّرِ تَارِيخِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا اُنْظُرْ هَلْ تَعَارُضُ ذَيْنِ مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فَيَكُونُ الْخَاصُّ مَخْصُوصًا أَمْ لَا؟ أَقُولُ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ مَكِّيَّةً وَقَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ فِي سَنَةِ الْوُفُودِ وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ فَالْحَدِيثُ خَاصٌّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، بَلْ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْك غَيْرُهَا إخْبَارٌ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ، وَالصَّلَوَاتُ الْوَاجِبَةُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ) ظَاهِرُ هَذَا دُخُولُ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقُدُومَ كَالرُّكْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَلَكِنَّهُ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَمِلَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ التَّامِّ. ثُمَّ قَالَ: تَجِبُ نِيَّةٌ بِلَا شَكٍّ وَنَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: الْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ) .

فَرْعٌ: لَوْ نَوَى أُسْبُوعَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ، فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ لَهَا تَحَلُّلًا بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِتَمَامِ السَّبْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِلطَّوَافِ الْآخَرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَمْلُ الْحَلَالِ مُحْرِمًا) أَيْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ، وَعَلَيْهِ مَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الطَّوَافِ الَّذِي شَمِلَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ قُدُومٍ وَرُكْنٍ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، ثُمَّ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا يَأْتِي فِيهَا بَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْمَذْكُورُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>