للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ وَسَيَأْتِي رَدُّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْعَقْدِ فِيهِ بِالْأَصَحِّ.

(وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) فَقَامَ هَذَا الْقَيْدُ مَقَامَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي الصِّحَّةِ

(وَمَتَى صَحَّتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا (أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ قِتَالٍ لَنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) وَمِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْمُدَّةُ نَقْدُ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْيِيدِ بِمَشِيئَةِ

(وَإِذَا انْتَقَضَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي بِلَادِهِمْ فَلَوْ كَانُوا بِدَارِنَا بَلَغُوا مَأْمَنَهُمْ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْعَهْدَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بِأَنْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا (اُنْتُقِضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِالرِّضَا بِالنَّقْضِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا) يُنْتَقَضُ فِيهِمْ.

(وَلَوْ خَافَ) الْإِمَامُ (خِيَانَتَهُمْ) بِظُهُورِ أَمَارَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهْمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُؤَبَّدٌ

(وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا تَخَالُفَ

(وَإِنْ شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ مُسْلِمًا إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} أَيْ الْأَزْوَاجَ {مَا أَنْفَقُوا} أَيْ مِنْ الْمُهُورِ الْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِلنَّدْبِ الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

وَوَصْلُهَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ مَالُنَا، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ أَيْ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مُسْلِمٍ وَمَالٍ وَغَيْرِهِمَا، كَرَدِّ مُسْلِمٍ أَفْلَتَ مِنْهُمْ فَاللَّامُ فِي مَالِنَا عَلَى الْأَوَّلِ جُزْءُ كَلِمَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي حَرْفُ جَرٍّ وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِعُمُومِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) نَعَمْ إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ كَفَكِّ أَسْرَى يُعَذِّبُونَهُمْ أَوْ خَوْفِ اسْتِئْصَالِهِمْ لَنَا جَازَ بَلْ وَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُونَهُ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَمَحِلُّ نَدْبِ فَكِّ الْأَسْرَى فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ، وَإِلَّا فَوَاجِبٌ وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ وَالنَّدْبَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ) لَا عَلَى دِينَارٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا هُنَا وَالْجَوَابُ عَنْ إيرَادِهِ لِأَجْلِ نَوْعِ الْخِلَافِ وَعَنْ تَأْخِيرِهِ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ مَعَهُ،.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ) وَكَذَا ذُكِرَ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ فِي الْحُرُوبِ وَلِإِمَامٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَقْضُهَا إنْ فَسَدَتْ بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَلَا بِعَزْلِهِ، قَوْلُهُ: (مَتَى شَاءَ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشَاءَ أَكْثَرَ مِمَّا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَا تَصِحُّ مَعَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ،.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْكَفُّ) أَيْ كَفُّ أَذَانَا وَأَذَى أَهْلِ الْعَهْدِ لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَا بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَوْ إيوَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ، قَوْلُهُ: (قُتِلَ مُسْلِمٌ) أَوْ ذِمِّيُّ بِدَارِنَا أَوْ سُبَّ اللَّهُ أَوْ نَبِيٌّ لَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَوْلُهُ: (وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَالْإِمَامِ الْمُعَيَّنِ السَّابِقِ

، قَوْلُهُ: (انْتَقَضَتْ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالنَّاقِضِ، قَوْلُهُ: (بَعْضُهُمْ) سَوَاءٌ أَمِيرُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ، قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَفَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهَا وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا،.

قَوْلُهُ: (الْمَأْمَنَ) وَمَنْ لَهُ مَأْمَنٌ أَنْ يُعْتَبَرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ،

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ) خَرَجَ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمٍ سَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِذِكْرِهِ، أَوْ أَطْلَقَهُ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَخَرَجَ شَرْطُ رَدِّ كَافِرٍ أَوْ كَافِرَةٍ فَلَا يُفْسِدُ بِالْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (تَأْتِينَا) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا بَعْدَ مَجِيئِهَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ) وَالْوَاضِحَةُ وَالْخُنْثَى، قَوْلُهُ: (فَلَا تَكْرَارَ) أَيْ عَلَى مَا هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ التَّعْبِيرُ فِي هَذِهِ بِالصَّحِيحِ أَيْضًا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا، أَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ. وَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا إلَيْهِمْ وَإِنْ جُنَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ شَكَكْنَا فِي جُنُونِهَا هَلْ هُوَ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَجُنَّتْ وَوَصَفَتْ الْكُفْرَ ثُمَّ أَفَاقَتْ رُدَّتْ إلَيْهِمْ،.

قَوْلُهُ: (الصَّادِق إلَخْ) أَيْ الْأَمْرُ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِعَدَمِهِ وَهَذَا الْعَدَمُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالنَّدْبِ وَرَجَّحُوا هَذَا النَّدْبَ، لِمَا ذَكَرَهُ فَالصَّادِقُ نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِلنَّدْبِ، وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَيْهِ، وَعَدَمُ فَاعِلُ بِصَادِقٍ وَالْمُوَافِقُ نَعْتٌ لِعَدَمِ وَالضَّمِيرُ فِي رَجَّحُوهُ عَائِدٌ لِلنَّدْبِ فَتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) يُرَدُّ أَنَّ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (وَبَيَاتُهُمْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَلِمَا أَنَّ هُدْنَةَ الْبَعْضِ هُدْنَةٌ لِلْكُلِّ

قَوْلُهُ: (وَيُبَلِّغُهُمْ) التَّبْلِيغُ وَاجِبٌ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ. نَعَمْ فِي نُسْخَةٍ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ

قَوْلُهُ: (تَأْتِينَا) مُسْتَدْرَكٌ، قَوْلُهُ: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَمَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الشَّرْطِ الْعَامِّ فَهِيَ نَاسِخَةٌ أَوْ مُخَصَّصَةٌ هَذَا إنْ صَحَّ رِوَايَةُ التَّعْمِيمِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا خَاصًّا بِالرِّجَالِ كَمَا رُوِيَ فَلَا إشْكَالَ، قَوْلُهُ: (فَسَدَ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ أَحَلَّ حَرَامًا

قَوْلُهُ: (وَلِلنَّدْبِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ: (الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ) الَّذِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ يَجِبْ دَفْعٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>